ومن ذلك يظهر لك أنّه لو تعذّر عليه العتق بعد توجّه الخطاب المذكور ،
__________________
بل وكذلك تجري هذه الطريقة فيما لو علمنا أنّ ذلك الثالث ليس بواجب تخييري ، ولكن احتملنا كون وجود ذلك الثالث مسقطاً لهما. وكذا فيما لو علمنا وجوب شيء معيّن وجوباً تعيينياً ، ولكن احتملنا أنّ الفعل الفلاني يكون مسقطاً لذلك الوجوب التعييني ، وإن لم يكن هو ـ أعني ذلك الفعل ـ واجباً لا تعييناً ولا تخييراً.
نعم ، هناك شكّ آخر في هذه المسائل ، وهو أنّه عند تعذّر ما علمنا وجوبه ، هل يتعيّن ذلك الطرف الآخر المشكوك الطرفية أو المشكوك كونه مسقطاً ، ولابدّ من التعرّض لهذه الجهة من الشكّ.
ولكن المسألة الثانية خارجة عن هذا البحث ، فإنّا لو علمنا بوجوب كلّ من العتق والصدقة مثلاً ، وشككنا في كونه تعيينياً أو تخييرياً ، لو اتّفق تعذّر العتق مثلاً ، فلا إشكال في وجوب الاتيان بالصدقة ، سواء كان وجوبهما تعيينياً أو كان وجوبهما تخييرياً.
وكذلك الحال في المسألة الأخيرة ، فإنّ ذلك الفعل الآخر المحتمل الاسقاط لا يحتمل وجوبه عند تعذّر الطرف الآخر الذي تعلّق به الوجوب حتّى في صورة العلم بكونه مسقطاً.
نعم ، تدخل هذه المسألة في هذا البحث لو احتملنا مع كونه مسقطاً كونه طرفاً في الوجوب التخييري ، بأن يحصل التردّد بين كونه مسقطاً محضاً وكونه طرفاً في الوجوب التخييري ، وكذلك لو انضمّ إليهما احتمال ثالث ، وهو كونه مباحاً صرفاً لا مسقطاً ولا واجباً تخييرياً.
ثمّ بعد ذلك نقول بعونه تعالى : قد يقال في هذه المسائل عند تعذّر ما علم وجوبه بالاشتغال ، نظراً إلى أنّ تعذّر ما تعذّر هل يوجب سقوط التكليف الذي كان ثابتاً قبل التعذّر. وقد يقال بالبراءة ، نظراً إلى كون تعيّن الباقي مشكوكاً ، لأنّ تعيّنه إنّما يكون لو كان الوجوب تخييرياً ، والمفروض أنّه لم يثبت ذلك ، وحينئذ يكون تعيّن الصيام مشكوكاً ، فالأصل فيه البراءة [ منه قدسسره ].