ويكون عدم كلّ منهما شرطاً في حدوث الآخر وفي بقائه ، أو يكون شرطاً في بقائه لا في حدوثه ، أمّا كونه شرطاً في حدوثه فقط نظير الاستطاعة بالنسبة إلى وجوب الحج ، فلا يتأتّى فيما نحن فيه ، لأنّ لازمه هو أنّه عند خلوّ صفحة الوجود عن كلّ منهما أن يتوجّه كلا التكليفين ، ولابدّ من الاتيان بكلّ منهما حينئذ ، ولا يكون الاتيان بأحدهما موجباً لسقوط الآخر. نعم فيما لو كان هناك ملاك واحد يقوم به كلّ من الفعلين ، يكون الناشئ عن ذلك الملاك الواحد طلباً واحداً متعلّقاً بأحد الفعلين.
الأمر الثاني : أنّه بعد فرض كون المنشأ في الخطاب التخييري هو الملاك الواحد ، لابدّ أن يكون مرجعه إلى تكليف واحد متعلّق بأحد الفعلين على البدل ، لا أنّه يكون مرجعه إلى التكليف بكلّ من الفعلين مشروطاً ولو في مرحلة البقاء بعدم الاتيان بالآخر ، بحيث إنّه قبل الاتيان بشيء منهما يكون لنا تكليفان فعليان يكون بقاء كلّ منهما مشروطاً بعدم الاتيان بمتعلّق التكليف الآخر ، إذ لو كان مرجعه إلى ذلك لزم منه كون الملاك الواحد علّة لتكليفين ، واشتراط بقاء كلّ منهما بعدم الاتيان بمتعلّق الآخر لا يدفع هذا المحذور ، أعني استحالة كون الملاك الواحد علّة في توجّه تكليفين فعليين.
نعم ، هذا الاشتراط الذي يكون مرجعه إلى الترتّب من الطرفين ، يدفع إشكال التدافع والتطارد بين الخطابين فيما لو كان المكلّف غير قادر على امتثالهما ، كما لو كان التزاحم في مقام الامتثال من جهة عدم قدرة المكلّف على الجمع بينهما كما في مسألة الغريقين ، ومع ذلك هذا الاشتراط إنّما يكون في مرحلة الحدوث لا في مرحلة البقاء.
الأمر الثالث : أنّه بعد أن عرفت أنّ مرجع الخطاب التخييري إلى تكليف