حرّرته عنه وما حرّره عنه السيّد سلّمه الله ص ٢٠٨ وص ٢٠٩ (١) وتأمّل.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ هذه القرائن الثلاث يمكن المناقشة [ فيها ] :
أمّا الأُولى ، وهي كون هذه الجمل في سياق الحثّ وإحداث الداعي ، فلأنّ ذلك لا ينحصر بالحمل على الحجّية أو على الموضوعية ، بل يتأتّى مع بيان أنّ العامل لو عمل ما عمله طامعاً في الثواب راجياً له ، كان له ذلك الثواب وإن كان الواقع على خلافه ، وحينئذ يكون النظر في هذه الأخبار إلى أنّ العامل يعطى أُجرة ذلك العمل ، سواء كان عمله به من جهة قيام الحجّة الشرعية على وجوبه أو استحبابه ، أو كان من جهة الاحتياط واحتماله وجوبه أو استحبابه ، بل لعلّها بتنقيح المناط شاملة لموارد القطع بذلك.
وعلى أيّ حال ، لا يكون لها تعرّض لجعل حجّية ولا لجعل استحباب ، وإن كانت مسوقة في مقام الحثّ والترغيب وإحداث الداعي من هذه الناحية ، أعني ناحية إعطاء الثواب ، لئلاّ يتوقّف المكلّف عن العمل بتسويل الشيطان ، وأنّه لعلّه لا يصادف الواقع بالنسبة إلى من يكون همّه تحصيل الثواب.
أمّا القرينة الثانية ، وهي إبداء احتمال المخالفة ، بدعوى أنّها لا تناسب جعل الحجّية ، لأنّ المناسب لجعل الحجّية هو صرف نظر المكلّف عن احتمال المخالفة ، وتحويل نظره إلى البناء على المطابقة ، لا جعل احتمال المخالفة نصب عينيه ، فهي وإن كانت في الجملة من مقتضيات الحال ، وأنّ المتكلّم البليغ الذي بصدد الحجّية لا يحسن منه إلاّصرف ذهن السامع عن احتمال الخلاف ، إلاّ أنّه مع ذلك لعلّه يكون المقام مقام إبداء ذلك الاحتمال وسدّه تعبّداً ، بأن يقال له : هذا الخبر حجّة كاشفة عن الواقع فيلزمك البناء على المطابقة للواقع ، وإن كنت
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٣٦٠ ـ ٣٦٤.