التسامح كذلك ، لأنّا لو قدّمنا أدلّة خبر العادل على أخبار التسامح في مورد كون المخبر بالاستحباب فاسقاً ، يبقى خبر العدل في المستحبّات مورداً لأخبار التسامح ، غايته أنّه مشمول أيضاً لأدلّة حجّية خبر العادل. نعم يمكن إسقاط دعوى العموم من وجه ، فإنّها مبنية على لحاظ نسبة أخبار التسامح مع المنطوق وحده أو مع المفهوم وحده ، وذلك لا وجه له ، بل بحسب الصناعة ينبغي نسبة أخبار التسامح إلى مجموع ما دلّت عليه أخبار حجّية خبر العادل ، فإنّ حاصل تلك الأدلّة هو أنّ الخبر إن كان راويه عادلاً كان مقبولاً في جميع الأحكام ، وإن كان فاسقاً لم يكن مقبولاً.
وإن شئت فقل : إنّ أدلّة خبر الواحد تشترط العدالة في جميع الأحكام ، فتكون أخبار التسامح أخصّ منها ، لأنّ مفادها عدم اشتراط العدالة في خصوص المستحبّات ، وعلى ذلك جرى شيخنا قدسسره في الدورة الأخيرة ، فراجع ما حرّرته عنه في هذا المقام ، وما حرّره عنه السيّد سلّمه الله في ذلك (١).
ومن ذلك كلّه [ يظهر ] أنّ ما أُفيد في هذا التحرير بقوله : قلت مع أنّه يمكن الخ ليس خالياً من التأمّل ، فإنّ الحكومة لا وجه لها. ولو وجّهناها بما أفاده قدسسره في الدورة الثانية من كون أخبار « من بلغ » أخصّ مطلقاً ، لم يتّجه قوله في ذيل العبارة : وفي الحكومة لا تلاحظ النسبة. كما أنّ هذه الجملة وهي قوله : وفي الحكومة لا تلاحظ النسبة ، لا تلتئم مع قوله : مع أنّه لو قدّم ما دلّ على اعتبار الشرائط في مطلق الأخبار لم يبق لأخبار « من بلغ » مورد الخ ، فإنّ عدم بقاء المورد إنّما يناسب كون النسبة هي العموم المطلق ، دون العموم من وجه.
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٣٦١.