وهكذا الحال فيما لو كانا وجوبيين وكان أحدهما توصّلياً وكان الآخر تعبّدياً ، فإنّ الاتيان بالمتعلّق بدون قصد التعبّد يكون مسقطاً للأمر التوصّلي ، وإن بقي جهة التعبّدي بحالها لم تسقط ، بل وكذلك الحال في الاستحبابيين اللذين يكون أحدهما تعبّدياً والآخر توصّلياً ، وينبغي مراجعة ما علّقناه على مبحث عبادية الطهارات في مباحث مقدّمة الواجب (١) ، فراجع وتأمّل ، وراجع أيضاً ما علّقناه في مسألة التداخل في حاشية ص ٣٤٢ من تحريرات السيّد سلّمه الله عن شيخنا قدسسره (٢).
قوله : فلا محالة أوامر الاحتياط تكشف عن تعلّق الأمر العبادي به ... الخ (٣).
الأولى أن يجاب عن ذلك : بأنّ هذا الأمر العبادي المستكشف بالأمر الاحتياطي إن كان هو عين الأمر الواقعي المحتمل ، ففيه أنّ الأمر بالاحتياط لا يكشف عنه. وإن كان هو أمراً آخر تصحيحاً لشمول أوامر الاحتياط لهذا الفعل المفروض كونه عبادياً لو كان مأموراً به ، ففيه أنّ ذلك داخل فيما لو كان شمول العام لفرد متوقّفاً على إعمال عناية من الشارع في ذلك الفرد ، تكون أصالة العموم فيه ساقطة كما حقّق في محلّه. مضافاً إلى أنّه لو التزمنا به لا يكون دافعاً للإشكال ، لأنّ [ الإتيان ] بالفعل بداعي ذلك الأمر المستكشف بأمر الاحتياط ، لا يوجب سقوط الأمر الواقعي الأوّلي ما لم يؤت بالعمل بداعيه.
__________________
(١) راجع المجلّد الثاني من هذا الكتاب ، الصفحة : ٢١٨ وما بعدها.
(٢) راجع الحاشية المتقدّمة في المجلّد الخامس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٤٩ وما بعدها.
(٣) فوائد الأُصول ٣ : ٤٠٧.