التمسّك بالعموم في الشبهات المصداقية (١) ، وشرحنا الفرق بين السالبة البسيطة والموجبة المعدولة المحمول ، فراجع.
نعم ، فيما أفاده شيخنا قدسسره جهة أُخرى يحتاج إلى التنبيه عليها ، وهي أنّ ذلك الترك الذي كان اتّصاف المكلّف به مطلوباً لابدّ أن يكون مضافاً إلى صرف الطبيعة ، إذ لو كان مضافاً إلى كلّ فرد لكان اللازم هو كون المطلوب اتّصافه بهذا الفرد وبذلك الفرد إلى آخر الأفراد ، فيكون عنده اتّصافات متعدّدة بتعدّد التروك المتعدّدة بتعدّد الأفراد ، أمّا الفرد المشكوك فيشكّ في مطلوبية الاتّصاف بتركه ، فتجري البراءة فيما يحتمله من وجوب الاتّصاف بترك ذلك المايع المشكوك.
وبالجملة : يكون الاتّصاف المأمور به منحلاً إلى اتّصافات متعدّدة ، فما علم أنّه فرد لتلك الطبيعة يكون الاتّصاف بتركه معلوم الوجوب ، وما شكّ في كونه فرداً منها يكون الاتّصاف بتركه مشكوكاً فتجري البراءة في وجوبه ، بخلاف ما لو جعلنا الترك الذي طلب من المكلّف الاتّصاف به مضافاً إلى صرف الطبيعة ، فإنّه لا يكون لنا إلاّ اتّصاف واحد متعلّق بترك صرف الطبيعة ، ومع الشكّ في فرد منها يكون الاقدام عليه موجباً للشكّ في حصول ذلك الاتّصاف الواحد. وهكذا الحال في مسلك صاحب الكفاية قدسسره ، فإنّه لو كان المطلوب هو إخلاء صفحة الوجود عن كلّ فرد من أفراد الطبيعة ، يكون المرجع في إخلائها من هذا الفرد المشكوك هو البراءة.
بقي الكلام في كون صاحب الكفاية قدسسره قد جمع بين البراءة والاستصحاب في مورد وصورة واحدة ، والذي يمكن أن يستفاد منه ذلك هو عبارته الأخيرة حيث قال : والفرد المشتبه وإن كان مقتضى أصالة البراءة جواز الاقتحام فيه ، إلاّ أنّ
__________________
(١) راجع المجلّد الخامس من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٨٦ وما بعدها.