وسيأتي توضيحه إن شاء الله تعالى ، وحينئذ يكون الاحتياط عقلياً لا شرعياً.
وبالجملة : أنّ دعوى كون الاحتياط شرعياً في المقام قابلة للمنع ، كما أنّ دعوى [ الإجماع على ] عدم وجوبه أو على عدم صحّته قابلة للمنع أيضاً ، فلم يبق عندنا إلاّ الاحتياط العقلي الناشئ عن العلم الاجمالي إمّا ابتداءً أو بعد دعوى الإجماع على عدم الترخيص ، كما أنّه ليس لنا في قبال هذا الاحتياط العقلي إلاّ مسألة اختلال النظام أو العسر والحرج ، بل سيأتي إن شاء الله تعالى (١) أنّه لا تصل النوبة إلى اختلال النظام ، فلا تكون النتيجة حينئذ إلاّلزوم تبعيض الاحتياط.
على أنّا لو سلّمنا الإجماع على بطلان الاحتياط أو على عدم وجوبه ، فأقصى ما فيه هو الكشف عن وجود حجّة شرعية قد جعلها الشارع حجّة لنا في هذا الحال ، وهي غير منحصرة في الاحتمال الظنّي والشكّي والوهمي حتّى يكون تعيّن الأوّل بقبح ترجيح المرجوح على الراجح ، فلِمَ لا نقول إنّ الحجّة المجعولة لنا في ذلك الحال هو الخبر الموثوق به ، ولو من باب الكشف عن أنّ الشارع قد أمضى الطريقة العقلائية في خصوص هذا الحال ، أعني حال الانسداد ، فتأمّل.
هذا ، مع الغض عن العلم الاجمالي بوجود ما هو الصادر فيها ممّا يكون بمقدار المعلوم بالاجمال ، فإنّ هذا العلم الاجمالي يوجب سقوط الاحتياط في العلم الاجمالي الكبير.
بل يمكن أن يقال : إنّ العلم الاجمالي في تلك الأخبار يوجب سقوط الإجماع المدّعى على حرمة الرجوع إلى الأُصول النافية أو حرمة المخالفة الكثيرة عن الصلاح للكاشفية عن جعل الاحتياط أو عن جعل مطلق الظنّ حجّة ، فإنّ هذا العلم الاجمالي في هذه الدائرة من الأخبار أو بضمّ باقي الأمارات إليها ، صالح لأن
__________________
(١) في الحاشية الآتية في الصفحة : ٣٤.