الموضوعية في هذا النحو من التكاليف. وأمّا ما في تحريرات السيّد سلّمه الله فقد عرفت أنّ النظر فيه إلى أصل وجود المأمور به ، كأن يؤمر بالسجود مثلاً ويشكّ في أنّه أتى به أم لا. ومنه يظهر لك التأمّل في إيراده الثاني. أمّا الثالث فسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى (١).
والحاصل : أنّ الايراد الأوّل إنّما يتوجّه على ما أُفيد عن شيخنا قدسسره لو فرض إمكان تحقّق الشبهة الموضوعية في هذا القسم من التكاليف التي لا يكون لمتعلّقها تعلّق بموضوع ، وفرض أنّ شيخنا قدسسره قائل بأنّ المرجع في ذلك إلى الاحتياط ، سواء في ذلك الشبهات التحريمية والايجابية ، وقد عرفت التصريح عن شيخنا قدسسره في هذا التحرير أنّها لا يتصوّر فيها الشبهة الموضوعية ، وقد صرّح هو قدسسره بذلك وبيّن الوجه فيه في رسالته في اللباس [ المشكوك ] فراجع فإنّه قال : وبعد العلم باجتماعها ( يعني اجتماع الشرائط في المكلّف ) فإن كان العنوان المتعلّق للتكليف من المقدور بلا واسطة والصادر بنفسه ، امتنعت الشبهة المصداقية فيه حال صدوره الارادي بعد تبيّن مفهومه ، إذ يستحيل أن يشكّ من أراد شيئاً عند إرادته له في هوية ما أراده ، وإنّما يعقل الشكّ في العنوان الاختياري حال صدوره إذا كان من المسبّبات التوليدية المقدورة بتوسّط أسبابها واشتبه السبب المحصّل له ، وواضح أنّه متى رجعت الشبهة المصداقية إلى مرحلة المحصّل كان مرجعها إلى الشكّ في الامتثال ، وجودياً كان العنوان المتعلّق أو عدمياً ، حتّى فيما إذا كان المحصّل شرعياً أيضاً وتردّد بين الأقل والأكثر ، ولعلّنا نتعرّض لذلك في المحل المناسب له إن شاء الله تعالى.
نعم ، في القسم الأوّل يمكن أن يتطرّق الشبهة المصداقية بعد الفراغ عنه ،
__________________
(١) في الصفحة : ٢٤٩.