قوله عليهالسلام : « إنّ السمك ذكاته إخراجه من الماء » ، لأنّ الذكاة هنا كناية عمّا يوجب حلّ أكله ، كما في قوله عليهالسلام : « صيده ذكاته ». وكأنّه لأجل ذلك لم يعتبر فيها ما يعتبر في الذباحة ولا في الصيد من التسمية ونحوها.
قال في الجواهر : ومن ذلك يظهر لك أنّ تذكية السمك إثبات اليد عليه على أن لا يموت في الماء ، فهو حينئذ كحيازة المباح الذي هو بمعنى الصيد الموافق له ، لا المعنى الذي هو التذكية المخصوصة ، ولعلّه لهذا المعنى أُطلق عليه أنّه ذكي ، بل أُطلق عليه في بعض النصوص اسم الميتة ، كقوله عليهالسلام في البحر : « الطهور ماؤه ، الحل ميتته » (١) ، إذ ليست تذكيته كتذكية الحيوان المشتملة على فري الأوداج ونحوها الخ (٢). وبنحو ذلك صرّح ابن إدريس (٣).
وحينئذ لا يرد النقض على ما ذكرناه من معنى التذكية من المعنى البسيط ، الذي هو مسبّب عن فري الأوداج مع الشرائط المقرّرة ، التي من جملتها قابلية الحيوان للتذكية. ولو سلّمنا أنّ التذكية في السمك والجراد تذكية حقيقية ، لقلنا إنّها أيضاً عبارة عن ذلك المعنى البسيط الذي هو موضوع الحلّية ، غاية الأمر أنّها في تذكية سائر الحيوانات يترتّب عليها الطهارة والحلّية فيما يحلّ أكله ، والطهارة فقط فيما لا يحلّ أكله ، وفي تذكية السمك والجراد يترتّب عليها حلّ الأكل فقط دون الطهارة مع كونها في الجميع بمعنى واحد مسبّب عن أسبابه المختلفة ، وليس هو إلاّذلك الذكاء والنقاء الذي هو ضدّ تلك القذارة الحاصلة بالموت حتف الأنف في سائر الحيوانات ، وبالموت بدون قبض في السمك والجراد ،
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ١٣٦ / أبواب الماء المطلق ب ٢ ح ٤.
(٢) جواهر الكلام ٣٦ : ١٦٥.
(٣) السرائر ٣ : ٨٩ ـ ٩٠.