لم تكن هي مولّدة لاحتمال العقاب ، بل لابدّ أن يكون احتمال العقاب فيها متحقّقاً في حدّ نفسه مع قطع النظر عن وجوب التوقّف ، ولا يكون ذلك إلاّفي موارد العلم الاجمالي والشبهة قبل الفحص ، كذا قرّر.
ولكن يمكن تطرّق المنع إلى ذلك ، فإنّ دعوى أنّ احتمال العقاب منحصر بالعلم الاجمالي والشبهة قبل الفحص إنّما هو من جهة تحكيم أدلّة البراءة في غيرهما ، فيكون هذا الجواب راجعاً إلى الثاني أو الثالث ، كما أنّ الأوّل راجع إلى أحدهما ، وحينئذ ينحصر الجواب بهما فلاحظ.
ولا يخفى أنّ طريقة التخصيص المتحصّلة من الجواب الثالث تريحنا من دعوى أنّه يستفاد من تعليل الوقوف عند الشبهة باحتمال العقاب ، أنّ كلّ شبهة يحتمل فيها العقاب ، فيجب التوقّف عندها ، فإنّ هذه الدعوى لو تمّت فأقصى ما فيها هو العموم ، ولكن هذا العموم مخصّص بإخراج الشبهات الغير المنجّزة ، وذلك بما عرفت من كون أخبار البراءة بعد خروج الشبهات المنجّزة منها تكون أخصّ من هذا العموم فتقدّم عليه.
نعم إنّ هذه الدعوى لو تمّت تضرّ بدعوى الحكومة ، فإنّ طريقة الحكومة إنّما تتمّ على تقدير تقييد الشبهة في أخبار التوقّف بالشبهة التي يحتمل فيها العقاب ، أمّا إذا لم يكن في البين تقييد ، بل كان مفاد أخبار التوقّف هو كون كلّ شبهة يحتمل فيها العقاب فلا تتأتّى الحكومة حينئذ ، بل لابدّ من سلوك طريقة التخصيص ، فتأمّل.
والحاصل : أنّ طريقة الحكومة موقوفة على استفادة التقييد من التعليل ، وإنّما يتأتّى ذلك ـ أعني استفادة التقييد من التعليل ـ فيما لو كان التقسيم معلوماً من الخارج ، كما في مثل لا تأكل الرمّان لأنّ الحموضة مضرّة لك ، إذ نعلم من