تكن قاضية بالخروج عن نفس الشبهة ، إلاّ أنّها قاضية بالخروج عن الشبهة التي يكون ارتكابها موجباً للوقوع في العقاب لو صادفت الواقع ، فإنّ تعليل الحكم بعلّة يوجب تقييد موضوع الحكم ، نظير قولك لا تأكل الرمّان فإنّ الحموضة مضرّة لك في كونه موجباً لتقييد الرمّان بالحامض ، وحينئذ تكون الشبهة التي أُمرنا بالتوقّف فيها مقيّدة بمفاد التعليل الذي حاصله الأمر بالوقوف عند الشبهة التي يكون الاقدام فيها موجباً لاحتمال الوقوع في العقاب ، ومع فرض كون شبهتنا مجرى لقاعدة قبح العقاب بدون بيان ، تكون خارجة عن الشبهة التي يحتمل فيها العقاب التي يكون الاقتحام فيها اقتحاماً في الهلكة التي هي العقاب.
ومن ذلك يظهر لك الجواب عن أخبار التثليث ، وحينئذ تنحصر الشبهة التي أمر بالتوقّف [ فيها ] بالشبهة التي يكون احتمال التكليف فيها منجّزاً ، كما في الشبهة قبل الفحص ، والشبهة في أحد أطراف العلم الاجمالي.
ويشهد بذلك تطبيق تلك الكبرى وذلك التقسيم الثلاثي على الخبر الشاذّ النادر في قبال الخبر المشهور كما في المقبولة (١) عند الترجيح بالشهرة ، ولا ينافي ذلك تعليل التوقّف في بعضها « بأنّ المعاصي حمى الله » (٢) و « من رعى غنمه قرب الحمى بارتكاب الشبهات نازعته نفسه إلى أن يرعاها في الحمى » (٣) فإنّ ذلك محذور آخر في ارتكاب الشبهات المذكورة التي يكون الاحتمال فيها منجّزاً. وأمّا رواية الفضيل « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : من الورع من الناس؟ قال عليهالسلام :
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٦ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١ ، لكن أورد التقسيم الثلاثي في صفحة : ١٥٧ / ب ١٢ ح ٩.
(٢ و ٣) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٦١ ، ١٦٩ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٢٧ ، ٥٢ ( نقل بالمضمون ).