تكون هذه الرواية دالّة على البراءة في مورد الشبهة الموضوعية والشبهة الحكمية ، فإنّ إطلاق الحكم بالأعذرية أو بالمعذورية في مورد الشبهة الحكمية وإن كان منزّلاً على ما هو الغالب من عدم تمكّنه من السؤال لقطعه بجواز العقد عليها ، إلاّ أنّه شامل لما إذا كان شاكّاً ، ولا داعي لتخصيصه بالقاطع بالخلاف وتخصيص مورد الشبهة الموضوعية بخصوص الشاكّ ، فإنّ مجرّد الأعذرية يكفي فيه الغلبة ، يعني أنّه في الغالب يكون أعذر ، لا أنّه دائماً يكون أعذر ليتخصّص بمورد القاطع بالخلاف أعني الجاهل المركّب القاطع بعدم حرمة العقد عليها ، فتأمّل.
لكن الشيخ قدسسره حمل المعذّرية على المعذورية في الحكم الوضعي ، فقال : فالمراد من المعذورية عدم حرمتها عليه مؤبّداً ، لا من حيث المؤاخذة ، ويشهد له أيضاً قوله عليهالسلام ـ بعد قوله : « نعم أنّه إذا انقضت عدّتها فهو معذور » ـ : « جاز له أن يتزوّجها » (١) الخ (٢) ولكن لا داعي إلى هذا التصرّف ، فإنّ منشأ العذر في أن يتزوّجها هو أنّه كان في الاقدام أوّلاً على تزويجها معذوراً ، فتأمّل.
وتنزيل الرواية في حكمها بالمعذورية أو في حكمها بعدم الحرمة الأبدية على خصوص الجاهل بكونها في العدّة وغير العالم بلزوم الاحتياط في ذلك ، لا يخلو من تكلّف ربما تأبى عنه الرواية ، فإنّ ظاهرها أنّ ملاك المعذورية وملاك عدم الحرمة الأبدية هو مجرّد الجهل بكونها في العدّة ، من دون مدخلية لجهله بلزوم الاحتياط في الحكم عليه بالمعذورية وبعدم تحقّق الحرمة الأبدية ، فتأمّل.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٠ : ٤٥٠ ـ ٤٥١ / أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ١٧ ح ٤.
(٢) فرائد الأُصول ٢ : ٤٤ ـ ٤٥ ( مع اختلاف يسير ).