الجهل بحرمة العقد عليها أو بكونها في العدّة ، ومن الواضح أنّ هذا المعنى أجنبي عمّا هو المطلوب من الدلالة على البراءة الشرعية ـ أعني رفع الحكم الشرعي ـ أو الاحتياط فيه عند الشكّ فيه ، انتهى.
قلت : لو كانت الرواية شاملة للجهل البسيط ولو في ناحية الجهل بأنّها في العدّة [ ثبتت الحرمة الأبدية ] إذ لا أقل من استصحاب كونها باقية في العدّة ، كما هو الغالب في من اتّفق العقد عليها من الثيّبات في العدّة من المسبوقية بعلم العاقد بأنّها كانت ذات زوج. نعم لو لم يكن العاقد مسبوقاً بشيء من ذلك واتّفق أنّها كانت ذات عدّة لم يكن فيه مورد للاستصحاب. لكن أصالة الاحتياط قاضية بالاجتناب ، إلاّ إذا كان العاقد غافلاً عن ذلك كما فرضه قدسسره. اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الاستصحاب أو أصالة الاحتياط وإن جرى إلاّ أنّه إنّما يمنع من الاقدام على العقد ، لكنّه لا يوجب الحرمة الأبدية ، لأنّ المأخوذ فيها هو العلم الوجداني على نحو الصفتية ، لكن يشكل ذلك فيما لو قامت البيّنة على بقاء العدّة.
نعم ، يمكن المناقشة في أصالة الاحتياط في مثل ذلك ، فإنّ الظاهر من بعضهم إجراء أصالة الحل عند الشكّ في كون المرأة محرّمة نسباً ، فراجع كتاب الربا من ملحقات العروة ص ١٩ (١).
والحاصل : أنّ العلم بحرمة التزويج بذات العدّة مع العلم بكونها في العدّة قد أخذ موضوعاً للحرمة الأبدية المعبّر عنها بالحكم الوضعي ، فلو لم يكن عالماً بذلك ولا عالماً بأنّها في العدّة ، لم تتحقّق تلك الحرمة الأبدية ، وحينئذ نقول : إنّه
__________________
(١) العروة الوثقى ٦ : ٣٦ / مسألة (١٥).