لا يقال : لو استوعب النسيان تمام الوقت كان ترك المركّب التام عن نسيان ، ويكون أثره هو وجوب القضاء ، فيشمله حديث رفع النسيان وبه يرتفع وجوب القضاء.
لأنّا نقول : إنّ القضاء غير مشمول للحديث ، لدلالة دليله على وجوبه على كلّ من ترك الفريضة ولو نسياناً ، بل هو إلى النسيان أقرب ، انتهى.
والذي تلخّص لك من هذا المبحث : هو أنّ رفع النسيان بالنسبة إلى ناسي الجزء لا يمكن إجراؤه في حقّه باعتبار ما صدر عنه من الفاقد ، لما عرفت من كونه صادراً عن عمد والتفات ، ولم يكن صدوره عنه عن نسيان ، ولا باعتبار ترك المجموع المركّب ، إذ لا أثر لترك ذلك المجموع إلاّ الاعادة في الوقت والقضاء في خارجه. والأوّل عقلي باقتضاء بقاء الأمر. والثاني وإن كان شرعياً إلاّ أنّ إطلاق دليل القضاء للناسي بل ظهوره فيه يجعله من قبيل الحكم الوارد على الناسي ، فلا يدخل في حديث رفع النسيان.
فلم يبق إلاّ أن نقول باجرائه في حقّه باعتبار تركه الجزء المنسي ، وقد عرفت أنّه لا أثر لترك الجزء إلاّ البطلان وهو عقلي لا شرعي. وأمّا إجراؤه في حقّه باعتبار نفس الجزء المنسي ، بأن يكون مساق رفع النسيان هو رفع المنسي لا رفع ما صدر نسياناً ، وهو خلاف الظاهر من سياقه مساق رفع ما أُكرهوا عليه وما اضطرّوا ، في وقوعهما على نفس ما صدر عن إكراه أو عن اضطرار ، فيكون رفع النسيان عبارة عن رفع ما صدر عن نسيان لا رفع ما هو المنسي ، وهذا المقدار من قرينة السياق كافية في الحكم بأنّه لا يشمل الشيء المنسي ، فينحصر مورده بمثل الأكل والشرب والارتماس نسياناً باعتبار إيجابه الكفّارة أو المفطرية ، على إشكال في كلّ منهما. أمّا الأوّل ، فلكونها مقيّدة بالعامد. وأمّا الثاني ، فلأنّ المفطرية نظير