بعض فتاواه ولو موجبة جزئية مخالف للواقع.
لأنّا نقول : العلم بأنّ بعض الفتاوى مخالف للواقع غير العلم بكون بعضها بلا مدرك ، والأوّل لا يوجب سقوط تلك الفتاوى بخلاف الثاني ، وما نحن فيه من قبيل الثاني ، بل هو أسوأ منه ، لأنّه من قبيل العلم بأنّ جميع تلك فتاوى بلا مدرك لأنّ مدركها الاستصحاب ، والمفروض كونه غير حجّة في الأطراف.
ثمّ لو قلنا بأنّ العلم بأنّ بعض الفتاوى مخالف للواقع [ يوجب سقوطها ] أو فرضنا العلم بأنّ بعض الفتاوى كان بلا مدرك صحيح لتأتّى الإشكال المزبور ، بل هذا الإشكال جارٍ في القاطعين ، لأنّ كلّ إنسان يعلم إجمالاً بأنّ بعض قطعياته مخالف للواقع.
ومنه ينقدح إشكال آخر في القطعيات ، وهو أنّه كيف يجتمع القطع في كلّ مورد من موارده مع العلم الاجمالي بأنّ بعض تلك القطعيات على خلاف الواقع ، فإنّ هذا [ العلم ] الاجمالي يوجب طرو الشكّ على كلّ واحد من تلك القطعيات ، ولا مدفع لهذا الإشكال بحذافيره إلاّدعوى عدم اعتناء العقلاء بمثل ذلك العلم الاجمالي على الخلاف ، كما حقّق في محلّه (١) من إقامة البرهان على عدم تأثير العلم في الشبهات [ غير ] المحصورة ، وأنّ كلّ واحد من أطرافها لا يعامل معاملة الشكّ ، كما في شبهة وجود المضاف في الأطراف غير المحصورة كما نصّ عليه شيخنا قدسسره في الوسيلة (٢) وشرحناه في محلّه ، اللهمّ إلاّ أن يفرّق بين العلم الاجمالي على خلاف القطعيات والعلم الاجمالي على خلاف مجموع الفتاوى أو الشبهة
__________________
(١) راجع المجلّد الثامن من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٨٥ وما بعدها.
(٢) وسيلة النجاة : كح / المسألة العاشرة [ لا يخفى أنّه قد رُمز للصفحات الأُولى منها بالحروف ].