عرفت أنّ مرجعه إلى الالتزام باستعمال الرفع في قوله عليهالسلام : « رفع عن أُمّتي تسعة أشياء » (١) في الرفع الحقيقي الواقعي والرفع الصوري الظاهري.
ومن ذلك يظهر لك التأمّل فيما أُفيد من توجيه كون الرفع ظاهرياً بأنّه واقع في درجة إيجاب الاحتياط ، ووجه التأمّل واضح ، فإنّه بناءً على هذا التقريب ، أعني كون الرفع رفعاً لوجوب الاحتياط بلسان رفع أصل الحكم الواقعي ، لا يكون الرفع المذكور واقعاً في درجة إيجاب الاحتياط ، بل لا يكون إلاّرفعاً لإيجاب الاحتياط.
ولا يخفى أنّ إيجاب الاحتياط وإن كان ظاهرياً ، إلاّ أنّ كونه حكماً ظاهرياً لا يوجب كون رفعه ظاهرياً ، لوضوح أنّ رفع الحكم الظاهري لا يلزمه أن يكون رفعاً ظاهرياً ، بل يمكن أن يكون رفعاً واقعياً كما يمكن أن يكون رفعاً ظاهرياً ، والظاهر فيما نحن فيه هو الأوّل ، إذ لم يؤخذ عدم العلم بوجوب الاحتياط موضوعاً لرفعه كي يكون الرفع فيه ظاهرياً.
نعم ، لو قلنا إنّ الرفع كناية عن الترخيص لكان هو ووجوب الاحتياط واقعاً في درجة واحدة ، وهي درجة عدم العلم بالحكم الواقعي ، ويكون كلّ منهما حكماً ظاهرياً حينئذ.
ومن ذلك يظهر أنّه يمكن الجمع بين ما أفاده قدسسره من أنّ المرفوع هو إيجاب الاحتياط ، وأنّ هذا الرفع يكون رفعاً ظاهرياً بالنسبة إلى الأدلّة الواقعية ، لكون ذلك الرفع عبارة أُخرى عن الترخيص ، فإن توجّه الرفع إلى الحكم الواقعي برفع أثره الذي هو إيجاب الاحتياط ولزوم التحرّز عن مخالفة الواقع ، عبارة أُخرى عن الترخيص الشرعي في مخالفة الحكم الواقعي لو كان موجوداً ، لما عرفت من عدم
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٥ : ٣٦٩ / أبواب جهاد النفس ب ٥٦ ح ١.