بالنسبة إليها ، ومهما نشكّ في شيء فإنّا لا نشكّ في أنّ الطلاق مثلاً رافع لعلقة الزوجية ، والعتق رافع للملكية والرقّية ، وأمثلة ذلك في الفقه كثيرة ، وعليها تدور رحى أغلب موارد الاستصحاب ، خصوصاً بناءً على عدم شمول أدلّته للشكّ في المقتضي.
ولو كان كلّ رافع راجعاً إلى الدافع الذي هو عبارة عن المانع للمقتضي عن تأثيره فيما يقتضيه ، لكان الاستصحاب في جميع تلك الموارد راجعاً إلى قاعدة المقتضي والمانع ، إذ لا يكون الشكّ حينئذ في وجود الرافع أو رافعية الموجود إلاّ من قبيل الشكّ في المانع أو مانعية الموجود ، ولا يكون ملاك الاستصحاب هو الأخذ بالموجود السابق المتيقّن وجوده سابقاً حتّى يعلم بوجود رافع ذلك الوجود السابق ، إذ لا أثر للوجود السابق ، ويكون الملاك في الاستصحاب هو الاعتماد على المقتضي فيما يأتي ، وعدم الاعتناء باحتمال وجود ما يكون مانعاً من تأثير المقتضي أثره ، ويكون مرجع الاستصحاب حينئذ إلى عدم الاعتناء باحتمال وجود ما يزاحم العلّة في تأثيرها ، لا إلى الأخذ بما كان متيقّناً موجوداً وعدم الاعتناء باحتمال طروّ رافع لذلك الموجود.
ومن جملة ما يكون رافعاً في الشرعيات النسخ ، بناءً على أنّ المصلحة المحدودة بالزمان وإن لم تقتض إلاّ الحكم المحدود فيكون النسخ من قبيل الدفع ، إلاّ أنّه من الممكن أن يجعل الشارع نفس الحكم غير محدود ، غايته أنّه يلزمه أن يرفعه عند انتهاء أمد مصلحته ، وربما كان سلوك الشارع الطريقة الثانية أولى عنده من الطريقة الأُولى ، لأجل مصلحة لاحظها في سلوك الطريقة الثانية ، كمن يرى نفسه محتاجاً إلى الزواج لمدّة محدودة ، لكن كانت هناك جهة توجب عليه إيجاد النكاح غير محدود ، ثمّ بعد انتهاء أمد حاجته إليه يوقع الطلاق.