إذا عرفت هذا
فاعلم أنّ الواجب في الصغرى هو نفس الجزاء على الضروري.
أمّا العلم الذي
جعل الشرط معلّقا به ففي وجوبه توقّف ، من أنّه لا يلزم من وجوب الجزاء وجوب العلم
به ، ومن أنّ العلم بالجزاء شرط في وقوع الفعل ذي الجزاء ، ووقوع الفعل واجب ،
وشرط الواجب واجب ، فالعلم بالجزاء واجب. ولا يلزم من إيقاع الفعل مشروطا بعلم
الجزاء كون الإيقاع للجزاء حتّى يخرج به عن الإخلاص ، بل يكون العلم باعثا على
الفعل كما في المرغّبات السمعيّة ، وعند فعله يقصد القربة التي هي موافقة الإرادة
لا غيرها.
قال : ( الثاني : أنّ كلاّ من شكر المنعم ودفع الخوف واجب ،
ولا يتمّ إلاّ بالمعرفة على الوجه المذكور ، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب.
أمّا وجوب الشكر
والدفع فضروري ، وأمّا توقّفه على المعرفة ؛ فلأنّ تلك الآثار الحاصلة من الحياة
والقدرة وتوابعهما من المنافع ، إمّا أن تكون نعمة فيجب الشكر ، أو نقمة فيجب
الدفع ، وذلك محال معرفته بدون المعارف المذكورة. وأمّا الثالث فظاهر ).
أقول : هذا هو الوجه الثاني من الوجوه الثلاثة المذكورة لوجوب
العملي العقلي النظري.
أمّا وجوب الشكر
والدفع فضروري كما ذكر.
وأمّا
توقّفه على المعرفة المقدّم ذكرها ؛ فلأنّ ما قصده الفاعل بتلك الآثار من كونها نعما أو نقما
لا يعلم إلاّ بها. فإذا عرف الباري تعالى وصفات كماله وتنزيهه عن القبيح وغير ذلك
عرف أنّها نعم ، فيجب الشكر ضرورة. وإن عرض له وساوس شيطانيّة جذبته إلى اعتقاده
تعالى على خلاف ذلك حتّى جوّز أنّه قصد بالآثار الإضرار ، وجب الدفع ضرورة ، فتجب
المعرفة ، وهي نتيجة ما ذكر.
ولم يصرّح بها
لظهورها لوجوب ما لا يتمّ الواجب المطلق إلاّ به ، وهو الثالث المذكور.