وما ذكره الرازي : « أن من مذهب الإمامية أن موسى عليهالسلام استخلف هارون عليهالسلام على قومه ، ولو كان هارون متمكّناً من تنفيذ الأحكام قبل ذلك الإستخلاف لم يكن للإستخلاف فائدة ، فثبت أن هارون عليهالسلام قبل الإستخلاف كان مؤدّياً للأحكام عن الله تعالى وإنْ لم يكن منفّذاً لها » فيردّه :
أوّلاً : إنّ إستخلاف هارون لم يكن من مذهب الإمامية فحسب ، بل هو مذهب أساطين أهل السنّة كما عرفت ، وبه قال الرازي نفسه في تفسيره ، فنسبة ذلك إلى الإمامية هنا تناقض ظاهر.
وثانياً : إن هذا الكلام مبطل لكلامه السّابق حيث قال « إنْ سلّمنا دلالة الحديث على العموم ، ولكنْ لا نسلّم أن من منازل هارون كونه قائماً مقام موسى عليهالسلام لو عاش بعد وفاته. قوله : إنه كان خليفةً له حال حياته فوجب بقاء تلك الحالة بعد موته. قلنا : لا نسلّم كونه خليفةً له. أما قوله تعالى : ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) الاعراف ٧ : ١٤٢ قلنا : لم لا يجوز أنْ يقال إن ذلك كان على طريق الإستظهار كما قال ( وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) الاعراف ٧ : ١٤٢ لأن هارون كان شريك موسى في النبوّة ، فلو لم يستخلفه موسى كان هو لا محالة يقوم بأمر الامّة ، وهذا لا يكون استخلافاً على التحقيق ، لأن قيامه بذلك إنما كان لكونه نبيّاً » لأنّه صريحٌ فيى عدم ترتّب فائدة على الإستخلاف ، وكلامه هنا يفيد لزوم ترتب فائدةٍ عليه ، وأنه لا يكفي النبوة لنفوذ الأحكام والأوامر ، بل لا بدّ من الإستخلاف.
لكنّك عرفت أن إنكار الإستخلاف ـ مع الإعتراف بحصول افتراض الطاعة لهارون بغير الإستخلاف ـ لا يضرّ باستدلال الإماميّة ، فإنّ مقصودهم