فحديث المنزلة يدل دلالة قطعيةً على خلافته عليهالسلام ، وأنه خليفة كخلافة آدم وداود وهارون ، ولا ريب في كون خلافتهم عامةً ، فخلافته كذلك.
وداود بن عمر الأنطاكي صاحب شرح قصيدة ابن سينا ، الذي جاء فيه الكلام المذكور ، من أكابر النّحارير والعلماء المشاهير ... أثنى عليه البديعي في كتابه ( ذكرى حبيب ) :
« ضرير ما له في العلوم الحكمية نظير ، وطبيب ما له في الأزمنة الغابرة ضريب ، حكيم صفت من قذى الخطأ موارد أنظاره ، وصَحَت عن غمام الأوهام آفاق أفكاره ، حلّ عقد المشكلات بما قيّده ، وبيَّض وجه العلوم الرياضية بما سوّده ، بآثار تقتضي إثبات محاسنه بالتخليد ، وتقييد مآثره للتأبيد ، وكان ملازماً لكتاب إخوان الصفا وخلاّن الوفا للمجريطي ، ولكتابيه رتبة الحكيم وغاية الحليم ، ومن كتب الشيخ : القانون ، والشفا ، والنجاة ، والحكمة المشرقية ، والتعليقات ، ورسالة الأجرام السماوية ، والإشارات ، مع شرحه لنصير الدين الطوسي وللإمام فخر الدين الرازي والمحاكمات بينهما لقطب الدين الرازي ، وحوائيه للسيد ، من كتب السهروردي : المشارق ، والمطارحات ، وكتاب التلويحات ، وشرحه لهبة الله البغدادي.
وكان شريف مكة يلهج بِتذكاره ، ويستهدي من الحجاج تفاريق أخباره ، وهزّه الشوق على أنْ استقدمه عليه ، واستحضره إليه ، ليجعل السماع عياناً والخبر برهاناً ، فلمّا مثل بساحته طامعاً في تقبيل راحته ، أمر أنْ يعرض عليه أحد حاضري مجلس أنسه ، ليختبر بذلك قوة حدسه ، فمذ صافحت يده يد ذلك الجليس قال : هذه يد دعي خسيس ، لا يضوع منها أرج النبوة ولا يستنشق