صاحب الكتاب ـ تأخّر المذكور الأول طريقاً إلى حرمان الثاني العطيّة ، وأنْ يقول له : إذا كنت إنما أنزلت منزلة فلان ، وفلان لم يحصل له عطية ، فيجب أن لا يحصل لك أيضاً. وفي علمنا بأنه ليس للوكيل ولا غيره منع من ذكرنا حاله ، ولا أنْ يعتلَّ في حرمانه بمثل علة صاحب الكتاب.
دليل آخر على بطلان هذه الشبهة :
على أن النفي وما جرى مجراه لا يصح وصفه بأنه منزلة ، وإنْ صحّ وصف المقدّر الجاري مجرى الإثبات بذلك ، إذا كان سبب استحقاقه ووقوعه ثابتاً. ألاترى أنه لا يصح أن يقول أحدنا : فلان منّي بمنزلة فلان من فلان في أنّه ليس بأخيه ولا شريكه ولا وكيله ولا فيما جرى مجراه من النفي ، وإنْ صحّ هذا القول فيما يجري مجرى المقدر من أنه إذا شفع إليه شفّعه ، وإذا سأله أعطاه ، ولا يجعل أحد أنه لم يشفع إذا كان ممّن لو شفع يشفع منزلةً يقتضي فيمن جعل له مثل منزلته لإيجاب شفاعته » (١).
ثم إن ( الدهلوي ) جهل ـ على إمامته المزعومة في العلوم المختلفة! ـ معنى « المنزلة » ... فلو علم معنى هذه الكلمة ولو بالرجوع إلى كتب اللغة لم يتطرّق إلى هذه الشبهة ، ولم يتفوّه بتلك الدعوى ...
قال الجوهري : « المنزلة : المرتبة ، لا تجمع ، واستنزل فلان أي حطَّ عن مرتبته » (٢).
وقال : « الرتبة المنزلة ، وكذلك المرتبة ، قال الأصمعي : المرتبة المرقبة ،
__________________
(١) الشافي في الامامة ٣ : ٣٤ ـ ٣٥.
(٢) الصحاح في اللغة ـ نزل ٥ : ١٨٢٨ ـ ١٨٢٩.