« ... بل المراد استخلافه بالمدينة حين ذهابه إلى تبوك ، كما استخلف موسى هارون عند ذهابه إلى الطّور ، بقوله تعالى : و ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) : وأيضاً ، ثبت به لأمير المؤمنين فضيلة الاخوة والمؤازرة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم في تبليغ الرسالة ، وغيرهما من الفضائل ، وهي مثبتة يقيناً لا شك فيه » (١).
« وتحريره من جهة علم المعاني : إن قوله : منّي خبر للمبتدأ ، ومِنْ إتّصاليّة ، ومتعلّق الخبر خاص ، والباء زائدة : كما في قوله تعالى : ( فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ ) : أي فإنْ آمنوا إيماناً مثل إيمانكم : يعني : أنت متّصل بي ونازل منزلة هارون من موسى ».
أقول.
وهل يوجد بين الإتّصال وشدّة القرب منه ، وبين سلب الخلافة عنه ، مناسبة ، حتى يكون سلبها من المنازل المثبتة؟
قال : « وفيه تشبيه ، ووجه التشبيه مبهم لم يفهم أنه رضياللهعنه فيما شبّهه به صلّى الله عليه وسلّم ، فبيّن بقوله : إلاّ أنّه لا نبي بعدي ، أن اتّصاله به ليس من جهة النبوّة ، قبقي الإتّصال من جهة الخلافة ، لأنها تلي النبوّة في المرتبة » (٢).
فدعوى دلالة الحديث على سلب الخلافة ونفيها عنه كذب.
__________________
(١) ابطال نهج العاطل ، انظر : دلائل الصدق لنهج الحق ٢ / ٣٨٩.
(٢) الكاشف ـ مخطوط.