يرد إشكال امتناع اجتماع النبوة لنبي والإمامة للإمام عليهالسلام في زمنٍ واحد.
فمن الغرائب قول ( الدهلوي ) في الباب الحادي عشر من كتابه : « النوع التاسع أخذ القوّة مكان الفعل ، كقولهم : إنّ الأمير كان إماماً في حضور النبي ، لقوله : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، فلو لم يكن بعده إماماً لزم عزله ، وعزل الإمام غير جائز. والحال أنه في حضور النبيّ لم يكن إماماً بالفعل بل بالقوّة ، وعزل الإمام بالقوة ، بمعنى عدم نصب جائز ، لوجود الأرجح منه » (١).
وهو كلام واضح البطلان جدّاً ، لأن ثبوت الإمامة بالقوّة من حديث المنزلة لأمير المؤمنين عليهالسلام يكفي لثبوت مرام الإمامية ، لأنه حينئذٍ يكون نصّاً على إمامته ، فيتعيّن عليهالسلام لها ، وتكون الخلافة حقّه ، ولا حقّ لمن لا نصَّ عليه أصلاً.
وهذه الإمامة نظير نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل وجوده الظاهري وبعثته إلى الناس ... وكما لا يجوز تقدّم أحد عليه في النبوة بعد وجوده في هذا العالم ، كذلك لا يجوز تقدم أحد على الإمام عليهالسلام في الإمامة ...
ثمّ إن في كلامه المذكور تجويز « عزل » الوصي بالحق ، وهو يناقض ما نصَّ عليه ـ في بحث حديث المنزلة وقد تقدم كلامه ـ من أن العزل يوجب الإهانة حيث قال : « وانقطاع هذا الإستخلاف ليس بعزل حتى يكون إهانةً ». وأيضاً ، يردّه قول ابن القيم ـ المذكور سابقاً ـ بأنَّ العزل يدل على النقص.
وما زعمه من وجود « الأرجح » من أمير المؤمنين عليهالسلام ، مندفع بالأدلّة الكثيرة ، وباعتراف ( الدهلوي ) نفسه وغيره بعدم النص على الخلفاء الثلاثة ... والمفروض دلالة حديث المنزلة على النص عليه باعترافه كذلك.
__________________
(١) التحفة الإثنا عشرية : ٣٥٠.