قد عرفت أن دعوى دلالة الحديث الشريف على سلب الخلافة والإمامة عن أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ مخالفة لإجماع المسلمين من الشيعة والسنّة ، ولقد اعترف به الفخر الرازي فإنه ذكر ذلك بعنوان الدخل المقدّر ، ثم عجز عن الجواب ، فتشبّت بخرافات الجاحظ المعروف بالبغض لأمير المؤمنين عليهالسلام والزندقة ... وهذه عبارات الرازي.
« وعذرهم عن ذلك : إن هارون عليهالسلام إنما لم يباشر عمل الإمامة لأنه مات قبل موسى عليهالسلام ، وأمّا علي ـ رضياللهعنه ـ فإنه لم يمت قبل النبي ـ عليهالسلام ـ فظهر الفرق.
فجوابنا عنه أنْ نقول : إمّا أنْ يلزم من انتفاء المسبب أو لا يلزم : فإن لزم ، فكون هارون منفّذاً للأحكام إنما كان سبب كونه نبيّاً ، والنبوّة ما كانت حاصلة لعلي ـ رضياللهعنه ـ فيلزم من انتفاءها إنتفاء كونه متولّياً للأحكام : وإمّا أن لا يلزم فنقول : عدم إمامة هارون ـ عليهالسلام ـ إنما كانت لموته قبل موت موسى ـ عليهالسلام ـ ، فوجب أنْ لا يلزم من عدم موت علي ـ رضياللهعنه ـ قبل رسول الله ـ عليهالسلام ـ أن لا يحصل له المسبب ، وهو نفي الخلافة.
لا يقال : إنه لا يجوز الإستدلال بأن هارون عليهالسلام لم يعمل عمل الإمامة ، لأن فقد الخلافة نفي ، والنفي لا يكون منزلة ، وإنّما الإثبات هو المنزلة ، فلا يتناول الحديث ذلك النفي : وإنْ سلّمنا أن النفي منزلة ولكن الكلام خرج مخرج الفضيلة لعلي ـ رضياللهعنه ـ فلا يجوز أنْ يدخل فيه إلاّ ما يكون فضيلة ، ونفي الخلافة غير فضيلة ، وإنْ سلّمنا صحة اندراج هذا النفي تحت الحديث ، ولكن الإجماع منعقد على أنه غير داخل فيه ، لأن الامة إمّا قائل بدلالة هذا الحديث على إمامته ، وإمّا قائل بأنه لا دلالة فيه على إمامته : أما