ابن عمران بن هارون. وإنما كانت الأنبياء بعد موسى يبعثون إليهم بتجديد ما نسوا وضيّعوا من أحكام التوراة » (٢).
وقال شمس الدين العلقمي بشرح الحديث : « أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة ليس بيني وبينه نبي » :
« قوله : ليس بيني وبينه نبي.
قال في الفتح : هذا أورده كالشاهد لقوله : إنه أقرب الناس إليه ، واستدل به على أنه لم يبعث بعد عيسى أحد إلاّنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم.
وفيه نظر : لأنه ورد أن الرسل الثلاثة الذين ارسلوا إلى أصحاب القرية ، المذكورة قصتهم في سورة يس ، كانوا من أتباع عيسى ، وأن جرجيس وخالد ابن سنان كانا نبيّن وكانا بعد عيسى.
والجواب : إنّ هذا الحديث يضعّف ما ورد من ذلك ، فإنه صحيح بلا تردّد ، وفي غيره مقال. أو المراد : إنه لم يبعث أحد بعد عيسى بشريعةٍ مستقلة ، وإنما بعث بعده من بعث بتقرير شريعة عيسى. وقصة خال بن سنان أخرجها الحاكم في المستدرك من حديث ابن عباس ، ولها طرق جمعتها في ترجمته في كتابي في الصّحابة » (١).
ثم لا يخفى : أن دعوى استقلال هارون بالنبوة على تقدير بقاءه بعد موسى هذه الدعوى الّتي أرادوا بها رفع إشكال ورود النقص عن هارون بعزله عن الخلافة ضعيفة جدّاً ، بحيث لم يجزم الفخر الرازي بها مع كونه الأصل فيها ،
__________________
(١) الصافات ٣٧ : ١٢٣.
(٢) العرائس : ٢٥٢.