١٥ ـ قوله تعالى : (إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ) [التوبة : ٥٤] قاله هنا بالباء في المتعاطفين ، وقاله ثانيا ، وثالثا بحذفها من المعطوف ، لأن ما في الأول غاية التوكيد بقوله : (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا) فأكّد المتعاطفين بالباء ، ليكون الكلام على نسق واحد ، بخلاف الثاني والثالث ، لم يتقدمهما ذلك.
١٦ ـ قوله تعالى : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ ..) [التوبة : ٥٥] الآية. قاله هنا بالفاء ، وقاله بعد الواو. لأن الفاء تتضمّن معنى الجزاء ، والفعل قبلها في قوله : (وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ) وقوله : (وَلا يُنْفِقُونَ) لكونه مستقبلا ، يتضمّن معنى الشّرط ، فناسب فيه الفاء ، وما بعد ذكر قبله : (كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) والفعل فيهما لكونه ماضيا ، لا يتضمّن معنى الشرط ، فناسب فيه الواو ، وقوله : (وَلا أَوْلادُهُمْ) ذكره هنا ب (فَلا) وفيما بعد بدونها ، لما في زيادتها هنا من التوكيد المناسب لغاية التوكيد ، بالحصر فيما قبلها ، وذلك مفقود فيما بعد.
١٧ ـ قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها ..) [التوبة : ٦٠] الآية.
أضاف فيها الصّدقات ، إلى الأصناف الأربعة الأولى بلام الملك ، وإلى الأربعة الأخيرة ب" في" الظرفية ، للإشعار بإطلاق الملك في الأربعة الأولى ، وتقييده في الأخيرة ، حتى إذا لم يحصل الصرف في مصارفها استرجع ، بخلافه في الأولى ، كما هو مقرّر في الفقه ، وكرّر في الأخيرة في قوله : (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) حثّا على الإعانة في الجهاد لشرفه.
١٨ ـ قوله تعالى : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ..) [التوبة : ٦١] الآية.
عدّى الإيمان إلى الله بالباء ، لتضمّنه معنى التصديق ، ولموافقته ضدّه وهو الكفر ، في قوله تعالى : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ.) وعدّاه إلى المؤمنين باللام ، لتضمّنه معنى الانقياد ، وموافقة لكثير من الآيات ، كقوله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) [يوسف : ١٧] وقوله : (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) [البقرة : ٧٥] وقوله : (أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) [الشعراء : ١١١].
وأما قوله تعالى في موضع : (قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) [الشعراء : ٤٩]