ومثله : قدّم ـ بالتشديد ـ يقدّم : إذا تقدّم ، وأنشد لبيد (١) : [من الرمل]
قدّموا إذ قال : قيس قدّموا |
|
واحفظوا المجد بأطراف الأسل |
وبمعناه أيضا استقدم يستقدم ، وعليه قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ)(٢) وأصل ذلك كلّه من القدم ، وهو قدم الرجل وجمعه أقدام. وبه اعتبر التقدم والتأخّر. والتقدّم على أربعة أضرب حسبما بينّاه فيما قبل. ويستعار القدم للسابقة ؛ ومنه قوله تعالى : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ)(٣). ويقال : قديم وحديث وذلك إمّا باعتبار الزمانين ، وإمّا بالشّرف ، وإمّا لما لا يصحّ وجود غيره إلا بوجوده ، نحو : الواحد متقدّم على العدد بمعنى أنه لو تصوّر ارتفاعه لارتفع الأعداد. والقدم (٤) وجود فيما مضى ، والبقاء وجود فيما يستقبل ، كذا قاله بعضهم (٥) ، وينبغي أن يزيد فيما يستقبل وفي الحال. والمتكلمون يصفون الباري تعالى بالقديم ، وقد اشتهر ذلك في عباراتهم ، ولم يرد في شيء من القرآن والآثار الصحيحة وصفه تعالى بالقديم ، ولكنه قد ورد في بعض الأدعية ، وأحسبها مأثورة : «يا قديم الإحسان». وأكثر ما يستعمل القديم باعتبار الزمان كقوله : (كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ)(٦).
قوله : (وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ)(٧) أي قد نبّهتكم على ما بين أيديكم قبل أن يفاجئكم. يقال : قدّمت إلى فلان بكذا : أعلمته قبل الحاجة إلى فعله وقبل أن يدهمه الأمر.
قوله : (لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)(٨) أي لا يريدون تقدّما ولا تأخّرا. قوله : (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا)(٩) أي ما فعلوه قبل. قوله : (رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا)(١٠) أي من
__________________
(١) الديوان : ١٩٢. وفي اللسان : قيل .. وارفعوا ، وهي رواية مذكورة في الديوان. قاله لبيد في قدّم بمعنى تقدّم.
(٢) ٢٤ / الحجر : ١٥.
(٣) ٢ / يونس : ١٠.
(٤) في الأصل : والتقدم ، ولعلها كما أثبتنا.
(٥) مثل الراغب في المفردات : ٣٩٧.
(٦) ٣٩ / يس : ٣٦.
(٧) ٢٨ / ق : ٥٠.
(٨) ٣٤ / الأعراف : ٧.
(٩) ١٢ / يس : ٣٦.
(١٠) ٦١ / ص : ٣٨.