ع ض ه (١) :
قوله تعالى : (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)(٢) اختلف في تفسير معناه فقيل : معناه فرقا وأنواعا لأنّ بعضهم يقول : هو سحر ، وبعض كهانة ، وبعض شعر وبعض أساطير الأولين. إلى غير ذلك مما افتروه وانتحلوه. وقيل : معناه جعلوه مقسما أقساما يؤمن ببعضه ويكفر بآخر ، لقوله تعالى : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)(٣) وعضون جمع عضة وفيها لغتان : عضوة وعضهة ، كما في سنة (٤) : سنهة وسنوة ، ويدلّ لذلك قولهم : عضيهة وعضيهات وعضيّة وعضوات ، فحذفت اللام وجمعت جمع المذكر السالم في ظاهر قول النحاة (٥) وعند تحقيقهم ليس هذا تصحيحا إنما هو تكسير كما حقّقناه في غير هذا ، لكنه جرى مجرى جمع التصحيح في الإعراب حيث رفع بالواو ونصب وجرّ بالياء. فمن قال : أصلها الواو قال هو من العضو. والتّعضية : تجزئة الأعضاء. وقد عضيته (٦) أي أجزأته. قال الشاعر (٧) : [من الرجز]
وليس دين الله بالمعضّى
أي بالمقسّم بل هو دين واحد ، قال الكسائيّ : هو من العضو أو من العضه ، وهي شجرة. وأصل عضة في لغة عضهة لقولهم عضيهة ، وفي لغة عضوة لقولهم عضوات. قلت : ومنهم من جعل مادة عضهة غير معنى مادة عضوة فقال : العضه : السّحر ، والعاضه : الساحر ، والعاضهة : الساحرة. ومنه الحديث : «لعن الله العاضهة والمستعضهة» (٨) وفسّر بالساحرة والمستسحرة. وفي الحديث أيضا : «ألا أنبّئكم بالعضه؟ هي النميمة» (٩) والعضيهة : البهتان ؛ قالوا : فسمي السحر عضها لأنه كذب وإفك وتخييل لا
__________________
(١) وفي الأصل : ع ض ن ، وهو وهم.
(٢) ٩١ / الحجر : ١٥.
(٣) ٨٥ / البقرة : ٢.
(٤) في الأصل : سنون ، ولعل الصواب ما ذكرنا.
(٥) يعني : عضون.
(٦) في ح : عضدته ، وفي س : عضته ، ولعل الصواب ما ذكرنا.
(٧) الشاهد في اللسان ـ مادة عضا.
(٨) النهاية : ٣ / ٢٥٥.
(٩) النهاية : ٣ / ٢٥٤. وفي رواية : « ... ما العضة؟».