بحوث المقام
بحث دلالي :
تدلّ الآية الشريفة على امور :
الأوّل : يدلّ قوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ) على أنّ إحصان المرأة بالتزويج بشخص يمنعها من الفجور ومن التزويج بشخص آخر.
وبعبارة أخرى : أنّ الآية المباركة تدلّ على حرمة تعدّد الأزواج بالنسبة إلى امرأة واحدة ، الذي كان معروفا عند بعض المجتمعات في العصر القديم ، والإسلام حرّم ذلك ، وحكم بأنّ الزوجة لا يجوز أن تتزوّج برجل آخر مع كونها محصنة بالزوج الأوّل ، بخلاف العكس ، فإنّه أباح لرجل واحد أن يتزوّج بأكثر من واحدة حتّى أربعة نساء ، وقد تقدّم في أوّل هذه السورة ما يتعلّق بالأخير ، فراجع.
الثاني : يدلّ قوله تعالى : (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) على أنّ الإحصان في الإماء بالتزويج لا يمنع المولى من التسرّي بهن ، فله أن يحول بين مملوكته وزوجها ثمّ التسرّي بها بعد استبرائها بالعدّة ، والإطلاق يشمل جميع أنواع الإماء والجواري ، سواء كن مسبيّات أو غيرهن.
الثالث : يدلّ قوله تعالى : (كِتابَ اللهِ) على أنّ الأحكام المذكورة في الآيات السابقة تحليلا وتحريما ، ممّا كتبه الله تعالى على العباد وفقا لمصالح حقيقيّة واقعيّة ، ولا يمكن التعدّي عنها بوجه من الوجوه.
الرابع : يدلّ قوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) ، على أنّ المطلوب في كلّ نكاح هو تحصين النفس والتعفّف ، دون الابتذال والإباحة وسفح الماء من غير غاية ، فهذه الآية الشريفة