أيضا تفحص عن الأدلة بالمقدار اللازم الّذي لا بد منه وان لم يتفحص بهذا المقدار فهو ليس بعادل ولا يكون فتواه حجة فلا يكون هذا دليلا على أقربية فتواه إلى الواقع بل الدليل الوحيد هو احتمال تعيين الأورع وعدم كفاية فتوى غيره أو من باب عدم العلم بالبراءة عما اشتغلت به ذمته الا بهذا النحو.
وما عن بعض الاعلام من ان بناء العقلاء على التعيين في صورة الاختلاف في الفتوى وان كان التخيير في صورة الاتفاق فيها مندفع لأن المراد بالبناء ان كان هو السيرة عن المتشرعين فهي غير بنائهم وان كان المراد بنائهم الّذي هو غير سيرتهم فهو غير ثابت لنا ولم نحرزه في الأمور الدينية إلّا ان يقال انهم في مهام أمورهم يرجعون إلى أوثق الناس عندهم وحيث ان المؤمن ليس له أهم من دينه فلا بد له من الرجوع إلى الأورع لأنه أوثق لحفظ دينه.
فيدل البناء كذلك على وجوب الرجوع إلى الأورع لو لم نقل بان إطلاق مقبولة عمر بن حنظلة ونحوها من الرجوع إلى الأفقه يشمل حتى صورة كون غيره أورع وأعدل أيضا وإلّا فلا وجه للتمسك بهذا البناء لأنه حجة ما لم يثبت الردع عنه والإطلاق لو ثبت يكون ردعا عنه (١) هذا كله على طريقية رأي المجتهد واما على الموضوعية فيمكن ان يقال ان جمع الصفات من الأعلمية والأورعية دخيل في المصلحة فلا بد من الرجوع إلى الأورع.
الأمر الرابع فيما إذا دار الأمر بين الأعلم والأورع يكون الاتفاق على وجوب تقليد الأعلم مع كونهم فيما سبق من الفرع مختلفين في الرجوع إلى الأورع وغيره
__________________
(١) أقول والّذي يسهل الخطب هو تعرض المقبولة للأعدل والأورع بقوله عليهالسلام الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر (في الوسائل ج ١٨ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ١) وهكذا في الباب ح ٤٥ ينظر إلى أعدلهما وأفقههما وفي الباب ح ٢٠ فينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما فينفذ حكمه فوجوب الرجوع إلى الأورع يكون مقتضى النص إذا كان أعلم أيضا.