قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٤٦) قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٤٧) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٤٨) قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (٤٩) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ)(٥٠)
قوله : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) أي آمركم وأوصيكم بواحدة أي بخصلة واحدة ثم بين تلك الخصلة فقال : (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ) أي لأجل الله.
قوله : (أَنْ تَقُومُوا) فيه أوجه :
أحدها : أنها مجرورة المحل بدلا من «واحدة» على سبيل البيان. قاله الفارسي (١).
الثاني : أنها عطف بيان «لواحدة» قاله الزمخشري (٢). وهو مردود لتخالفها تعريفا وتنكيرا ، وقد تقدم هذا عند قوله : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ) [آل عمران : ٩٧].
الثالث : أنها منصوبة بإضمار «أعني» (٣).
الرابع : أنها مرفوعة على خبر ابتداء مضمر أي هي أن تقوموا (٤) ، و (مَثْنى وَفُرادى) حال (٥). وتقدم تحقيق القول في «مثنى» وبابه في سورة النّساء (٦) ، ومضى القول في «فرادى» في الأنعام (٧) ، ومعنى «مثنى» أي اثنين اثنين ، و «فرادى» واحدا واحدا. ثم قوله : (ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا) عطف على (أَنْ تَقُومُوا) أي قيامكم ثم تفكّركم ، والوقف عند أبي حاتم على هذه الآية ثم يبتدىء : (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ)(٨). وقال مقاتل : تم الكلام (عند) (٩) قوله : (ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا) أي في خلق السموات والأرض فتعلموا أن خالقهما واحد لا شريك له (١٠).
__________________
ـ الوصل يدل على أنها سبعية. وانظر : السبعة لابن مجاهد ٥٣٢ والإتحاف للبناء ٣٦ ، والكشف لمكي ٢ / ٢٠٩ والنشر ٢ / ٣٥١ وتقريبه ١٦٣ وانظر : اللباب ٦ / ١٥٠ ب ميكروفيلم.
(١) وقاله أبو البقاء أيضا في التبيان ٢ / ١٠٧٠ والبيان لابن الأنباري ٢ / ٢٨٣ ومكي في مشكل الإعراب ٢ / ٢١٢ وأبو حيان في البحر ٧ / ٢٩٠ والشهاب السمين في الدر ٤ / ٤٥٤. وقد نقل أبو حيان في بحره السابق رأى أبي علي.
(٢) الكشاف ٣ / ٢٩٤.
(٣) قاله التبيان ١٠٧٠.
(٤) التبيان السابق ، والبيان والمشكل السابقان أيضا.
(٥) الدر المصون ٤ / ٤٥٤.
(٦) عند قوله : «فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ» وهي الآية ٣ منها.
(٧) من قوله : «وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ» وهي الآية ٩٤. والقائلون بالجمع اختلفوا في مفرده فقيل فرد ، أو فريد أو فرد أو فردان. وقيل : اسم جمع وانظر اللباب ٣ / ١٩٧ ب.
(٨) انظر : البحر ٧ / ٢٩١.
(٩) سقط من «ب».
(١٠) البغوي ٥ / ٢٩٥.