الْحَكِيمِ) أي ذي) الحكمة ك (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [الحاقة : ٢١] أي ذات رضا ، أو أنه ناطق بالحكمة وهو كالحيّ المتكلم.
قوله : «إنّك» جواب القسم (١) و (عَلى صِراطٍ) يجوز أن يكون متعلقا ب «المرسلين» (٢) يقول : أرسلت عليه ، كما قال تعالى : (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً) [الفيل : ٣] وأن يكون متعلقا بمحذوف على أنه حال من الضمير المستكنّ في (لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) لوقوعه خبرا (٣) ، وأن يكون حالا من (٤) «المرسلين» وأن يكون خبرا ثانيا ل «إنّك» (٥).
فصل
أقسم بالقرآن على أن محمدا من المرسلين. وهو رد على الكفار ، حيث قالوا : (لست (٦) مرسلا).
فإن قيل : المطلب ثبت (٧) بالدليل لا بالقسم فما الحكمة بالإقسام؟!.
فالجواب من وجوه :
الأول : إن العرب كانوا يتقون (٨) الأيمان الفاجرة وكانوا يقولون بأن الأيمان الفاجرة توجب خراب العالم وصحح النبي ـ عليه الصلاة والسلام (٩) ـ ذلك بقوله : «اليمين الكاذبة تدع الدّيار بلاقع». ثم إنهم كانوا يقولون : إن النبي ـ عليه (الصلاة (١٠) و) السلام ـ يصيبه عذاب آلهتهم ، وهي الكواكب والنبي عليه (الصلاة و) السلام يحلف بأمر الله وإنزال كلامه عليه بأشياء مختلفة ، وما كان يصيبه عذاب بل كان كل يوم أرفع شأنا وأمنع مكانا ، فكان ذلك يوجب اعتقاد أنه ليس بكاذب.
الثاني : أن المتناظر (ين) (١١) إذا وقع بينهما كلام ، وغلب أحدهما الآخر بتمشية دليله وأسكته يقول المغلوب : إنك قدرت هذا بقوة جدالك ، وأنت خبير في نفسك بضعف مقالتك ، وتعلم أن الأمر ليس كما تقول وإن أقمت عليه الدليل صورة ، وعجزت
__________________
(١) وهو يس والقرآن الحكيم. انظر : الدر المصون ٤ / ٤٩٤.
(٢) الكشاف ٣ / ٣١٤ والبيان ٢ / ٢٩٠.
(٣) ذكره أبو البقاء في التبيان ١٠٧٨.
(٤) الدر المصون للسمين الحلبي ٤ / ٤٩٤.
(٥) رجحه الزجاج والفراء في معانيهما. انظر : معاني الزجاج ٤ / ٢٧٨ ومعاني الفراء ٢ / ٢٧٢ ومشكل إعراب القرآن لمكي ٢ / ٢٢١ والبيان لابن الأنباري ٢ / ٢٩٠. وقد قال الزجاج : «وأحسن ما في العربية أن يكون «لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ» خبر إنّ ويكون «عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» خبرا ثانيا». انظر معاني القرآن للزجاج ٤ / ٧٨.
(٦) ما بين القوسين ساقط من «ب» وهي من الآية ٤٣ من سورة «الرعد».
(٧) في «ب» يثبت بالمضارعة.
(٨) كذا هي في النسختين وفي الرازي : يتوقون.
(٩) في «ب» صلىاللهعليهوسلم.
(١٠) ما بين القوسين زيادة من «ب».
(١١) في ب «المتناظر» فقط.