أنّ «مثلهم» منصوب بالخبر المحذوف وهو مقدر وإذ ما في الوجود في حال مماثلتهم بشرا.
السادس : أنه حال من «الكتاب». قاله أبو البقاء ، وجاز مجيء الحال من المضاف إليه لكونه مفعولا للمضاف ، فإن المضاف مصدر مضاف لمفعوله (١).
والعامة على رفع «تنزيل» على ما تقدم ، وقرأ زيد بن عليّ (وعيسى) (٢) وابن أبي عبلة بنصبه بإضمار فعل تقديره الزم أو اقرأ ونحوهما (٣).
فصل
احتج القائلون بخلق القرآن بأن الله تعالى وصف القرآن بكونه تنزيلا ومنزلا. وهذا الوصف لا يليق إلا بالمحدث المخلوق ، قال ابن الخطيب : والجواب أنّا نحمل هذه اللفظة على الصّيغ والحروف (٤).
قوله : (الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) والعزيز هو القادر الذي لا يغلب ، والحكيم هو الذي يفعل (لداعية) (٥) الحكمة وهذا إنما يتم إذا كان عالما بجميع المعلومات غنيا عن جميع الحاجات (٦).
قوله : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ) اعلم أن لفظ «تنزيل» يشعر بأنه تعالى أنزله نجما نجما على سبيل التدريج ، ولفظ الإنزال يشعر بأنه تعالى أنزله دفعة واحدة (٧) ، وطريق الجمع أن يقال : إنا حكمنا حكما كليا بأن نوصل إليك هذا الكتاب وهذا الإنزال ثم أوصلنا (٨) إليك نجما نجما على وفق المصالح. (وهذا (٩) هو التنزيل).
قوله : «بالحقّ» يجوز أن يتعلق «بالإنزال» أي بسبب الحق وأن يتعلق بمحذوف على أنه حال من الفاعل أو المفعول وهو الكتاب أي ملتبسين بالحق أو ملتبسا بالحقّ (١٠) والصّدق والصواب ، والمعنى كل ما فيه من إثبات التوحيد والنبوة والمعاد وأنواع التكاليف فهو حق يجب العمل به (١١) وفي قوله : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ) تكرير
__________________
(١) ومعروف أن الحال لا تجيء من المضاف إليه إلا في مواضع ثلاثة : الأول : إذا كان المضاف عاملا في الحال نحو : «إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً».* والثاني : أن يكون المضاف جزء المضاف إليه نحو : «وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً» ، الثالث : أن يكون المضاف مثل جزء المضاف إليه في صحة الاستغناء عنه نحو : «ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً». وانظر الأشموني ٢ / ١٧٩ (بتصرف).
(٢) سقط من ب.
(٣) مختصر ابن خالويه ١٣١ والكشاف بدون تعيين ٣ / ٣٨٥ وانظر الإعراب في المعاني ٢ / ٤١٤ للفراء والكشاف المرجع السابق والدرّ المصون ٤ / ٦٣٣.
(٤) التفسير الكبير ٢٦ / ٢٣٨.
(٥) سقط من ب.
(٦) السابق.
(٧) في ب والرازي «فطريق» بالفاء.
(٨) في ب والرازي أوصلناه.
(٩) زيادة من الرازي.
(١٠) قاله السمين في الدر ٤ / ٦٣٣.
(١١) الرازي ٢٦ / ٢٣٩.