يقال : هذا أحسن ألوان النساء تكون المرأة بيضاء مشربة صفرة (١) ، (وإنما (٢) ذكر المكنون والبيض جمع مؤنث لأنه رده إلى اللفظ) (٣).
قوله تعالى : (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٥٠) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣) قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ (٥٥) قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧) أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلاَّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩) إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠) لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ)(٦١)
قوله : (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) وهذا على عطف قوله : (يُطافُ عَلَيْهِمْ)(٤) والمعنى يشربون فيتحادثون على الشراب قال :
٤٢٠٦ ـ وما بقيت من اللّذّات إلّا |
|
محادثة الكرام على المدام (٥) |
وأتى بقوله «فأقبل» ماضيا لتحقق وقوعه ، كقوله (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ)(٦) [الأعراف : ٥٠] وقوله : «يتساءلون» حال من فاعل «أقبل» والمعنى : أهل الجنة يسأل بعضهم بعضا عن حاله في الدنيا.
قوله : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ) أي في الدنيا ينكر البعث. و (يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) أي كان يوبّخني على (٧) التصديق بالبعث والقيامة ويقول تعجبا : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) أي لمحاسبون ومجازون ، والمعنى أن ذلك القرين كان يقول هذه الكلمات على سبيل الاستنكار. واعلم أنه تعالى لما ذكر أن أهل الجنة يتساءلون عند اجتماعهم على الشرب ويتحدثون كانت من جملة كلماتهم (٨) أنهم يتذكرون ما كان قد حصل لهم في الدنيا مما يوجب الوقوع في عذاب الله ثم إنهم تخلصوا عنه وفازوا بالسعادة الأبدية. قال مجاهد : كان ذلك القرين شيطانا ، وقيل : كان من الإنس ، وقال مقاتل : كانا أخوين (٩). وقيل : كانا شريكين (١٠) حصل لهما ثمانية آلاف دينار
__________________
(١) نقله الإمام أبو الفرج بن الجوزي في زاد المسير ٧ / ٥٨.
(٢) ما بين القوسين سقط من ب.
(٣) فلفظ البيض مذكر وهو اسم جنس له مفرد من لفظه بالتاء بيضة.
(٤) انظر : الدر المصون ٤ / ٥٥١.
(٥) من الوافر ولم أهتد إلى قائله. وأتى به استئناسا للمعنى المتقدم عليه أي أن هؤلاء الأقوام لا يتكلمون ويتسامرون إلا عند الشرب وانظر : القرطبي ١٥ / ٨١ ، والكشاف ٣ / ٣٤٠ والبحر ٧ / ٣٦ والرازي ٢٦ / ١٣٨ ، والدر المصون ٤ / ٥٥٢.
(٦) المراجع السابقة.
(٧) في ب : عن.
(٨) في ب : كلامهم.
(٩) وانظر : الرازي ٢٦ / ١٣٩ وزاد المسير ٧ / ٥٩.
(١٠) وهو رأي مقاتل ، انظر : زاد المسير ٧ / ٥٩ وانظر : معالم التنزيل والرازي ٢٦ / ١٣٩.