عباده العلماء. وهذه القراءة شبيهة بقراءة : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ) برفع إبراهيم ونصب «ربّه»(١).
فصل
قال ابن عباس (٢) : إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزّتي وسلطاني. واعلم أنّ الخشية بقدر معرفة المخشي والعالم يعرف الله فيخافه ويرجوه. وهذا دليل على أنّ العالم أعلى درجة من العابد ؛ لقوله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) [الحجرات : ١٣] بين أن الكرامة بقدر التقوى والتقوى بقدر العلم لا بقدر العمل قال ـ عليه (الصلاة و) السلام ـ : «والله إني لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية» (٣) ، وقال ـ عليه (الصلاة (٤) و) السلام ـ : «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا» (٥) وقال مسروق : كفى بخشية علما وكفى بالاغترار (٦) بالله جهلا. ثم قال : (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) أي عزيز في ملكه غفور لذنوب عباده فذكر ما يوجب الخوف والرجاء فكونه عزيزا يوجب (٧) الخوف التام وكونه غفورا لما دون ذلك يوجب (٨) الرجاء البالغ. وقراءة من قرأ بنصب العلماء ورفع الجلالة تقدّم معناه. قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ) في خبر «إن» وجهان :
أحدهما : الجملة من قوله : «يرجون» أي (إنّ) (٩) التالين يرجون (١٠) و (لَنْ تَبُورَ) صفة «تجارة» و «ليوفّيهم» متعلق «بيرجون» (١١) أو «بتبور» (١٢) أو بمحذوف أي فعلوا ذلك ليوفّيهم(١٣) ، وعلى الوجهين الأولين يجوز أن تكون لام العاقبة (١٤).
__________________
(١) وقد اعترض على هذه القراءة أبو حيان في البحر ٧ / ٣١٢ بأنها في غاية الشذوذ وانظر : القرطبي ١٤ / ٣٤٤ والآية ١٢٤ من البقرة.
(٢) البغوي ٥ / ٣٠١.
(٣) الحديث رواه الإمام البخاري عن عائشة ١ / ١٢ و ١٣ وانظر : البغوي ٥ / ٣٠١.
(٤) زيادة من «ب».
(٥) المرجع الأخير وانظر : الموطأ الكسوف رقم ١ ومسند الإمام أحمد ٢ / ٢٥٧ و ٣١٢ و ٤١٨ و ٤٣٢ و ٤٥٣ و ٤٦٧ و ٤٧٧ و ٥٠٢.
(٦) في «ب» بالإغرار تحريف وانظر : البغوي المرجع السابق.
(٧ و ٨) في «ب» : «موجب» بالاسمية.
(٧ و ٨) في «ب» : «موجب» بالاسمية.
(٩) سقط من «ب».
(١٠) قاله أبو البقاء في التّبيان ١٠٧٥ والزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٠٨ والنحاس في الإعراب ٣ / ٣٧١ والفراء في المعاني ٢ / ٣٦٩.
(١١) التبيان والبحر ٧ / ٣١٣.
(١٢) المرجع الأخير السابق والكشاف ٣ / ٣٠٨.
(١٣) التبيان والبحر السابقان.
(١٤) قال أبو البقاء : «وهي لام الصيرورة» على التعلق بيرجونه. التبيان ١٠٧٥.