لغلبة (١) الجهل عليهم وذكر الزّهريّ (٢) أن معنى تبيّنت الجنّ أي ظهرت وانكشفت الجن للإنس أي ظهر لهم أمرهم أنهم لا يعلمون الغيب لأنهم كانوا قد شبهوا على الإنس ذلك ، ويؤيد هذا قراءة ابن مسعود وابن عباس المتقدمة ، وقوله : (ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) يدل على أن المؤمنين من الجنّ لم يكونوا في التسخير ، لأن المؤمن لا يكون في زمان النّبيّ في العذاب المهين.
فصل (٣)
روي أن سليمان كان عمره ثلاثا وخمسين سنة ومدة ملكه أربعون سنة وملك يوم ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة وابتدأ في بناء بيت المقدس لأربع سنين مضين من ملكه (٤).
قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (١٥) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (١٦) ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ (١٧) وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ (١٨) فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)(١٩)
(قوله) (٥) تعالى : (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ) قرأ حمزة وحفص مسكنهم بفتح الكاف مفردا ، والكسائي كذلك إلا أنه كسر الكاف والباقون مساكنهم جمعا (٦) فأما الإفراد فلعدم اللبس لأن المراد الجمع كقوله :
٤١٢٥ ـ كلوا في بعض بطنكم تعفّوا |
|
..........(٧) |
__________________
(١) معالم التنزيل ٥ / ٢٨٦.
(٢) السابق.
(٣) سقط من «أ».
(٤) الخازن والبغوي ٥ / ٢٨٦.
(٥) سقط من «ب».
(٦) حجة ابن خالويه ٢٩٣ والكشف لمكي ٢ / ٢٠٤ ، والنشر ٢ / ٣٥٠ وتقريبه ١٦٢ والقرطبي ١٤ / ٢٨٣ والآية التي تشير إلى أنها تقدمت في النمل هي قوله تعالى : «وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ» وهي الآية ٢٢ منها ، فقد قرأ نافع وغيره بالصرف والتنوين على أنه اسم حي وهو في الأصل اسم رجل وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «سبأ» بغير صرف وجعله اسما للقبيلة.
(٧) هذا صدر بيت من الوافر عجزه :
.......... |
|
فإنّ زمانكم زمن خميص |
والخميص الجائع. وهو مجهول القائل. والشاهد : «بطنكم» حيث اللفظ على الإفراد. والمراد المعنى ـ