أحسن ، لموافقته لفظا ومعنى (١). ونظيره (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ) (هو أعمى)»(٢)(أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى) [الرعد : ١٩]. والعامة على «زيّن» مبنيا للمفعول «سوء» رفع (٣) وعبيد بن عمير (٤) زيّن مبنيا للفاعل وهو الله «سوء» بالنصب به. وعنه «أسوأ» بصيغة التفضيل منصوبا (٥). وطلحة (٦) «أمن» بغير فاء (٧). قال أبو الفضل : الهمزة للاستخبار بمعنى العامة للتقرير ويجوز أن تكون بمعنى حرف النداء فحذف التّمام كما حذف من المشهور (٨) الجواب ، يعني أنه يجوز في هذه القراءة أن تكون الهمزة للنداء وحذف التّمام أي ما (٩) نودي لأجله كأنه قيل : يا من زين له سوء عمله ارجع إلى الله وتب إليه ، وقوله : «كما حذف الجواب» يعني به خبر المبتدأ الذي تقدّم تقريره (١٠).
فصل
قال ابن عباس : نزلت في أبي جهل ومشركي مكة (١١). وقال سعيد بن جبير : نزلت في أصحاب الأهواء والبدع (١٢) فقال (١٣) قتادة : منهم الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين وأموالهم فأما أهل الكبائر فليسوا منهم لأنهم لا يستحلون الكبائر. ومعنى زين له سوء عمله شبه له وموه عليه وحسن له سوء عمله أي قبح (١٤) عمله فرآه حسنا زين له الشيطان ذلك بالوسواس. وفي الآية حذف مجازه : أفمن زيّن له سوء عمله فرأى الباطل حقّا كمن هداه الله فرأى الحق حقا والباطل باطلا (١٥)؟ (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي
__________________
(١) قاله أبو حيان في البحر ٧ / ٣٠٠.
(٢) الآية ١٤ من محمد وهي : «أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ».
(٣) على أنه نائب عن الفاعل.
(٤) هو عبيد بن عمير بن قتادة أبو عاصم الليثي المكي القاصّ روى عن عمر بن الخطاب وأبي بن كعب وعنه مجاهد وعطاء وعمرو بن دينار مات سنة ٨٤ ه ، انظر : غاية النهاية لابن الجزري ١ / ٤٩٦ و ٤٩٧.
(٥) ذكرها أبو حيان في البحر المحيط وكذلك السمين في الدر المصون ٤ / ٤٦٥ والبحر في ٧ / ٣٠١ وهما قراءتان شاذتان.
(٦) لعله طلحة بن مصرف الذي له اختيار في القراءة ينسب إليه وقد ترجم له آنفا.
(٧) المرجعان السابقان.
(٨) كذا نقل أبو حيان في البحر عن أبي الفضل الرازيّ صاحب كتاب اللوامح وما في «ب» من المبهم والجواب وهو تحريف. وانظر : البحر ٧ / ٣٠١.
(٩) كذا هي هنا وفي الدر المصون نودي لأجله وفي «ب» والبحر المحيط أي ما يؤدي أجله وكلا المعنيين متقارب.
(١٠) المرجع السابق.
(١١) زاد المسير ٦ / ٤٧٥.
(١٢) السابق.
(١٣) في «ب» قال.
(١٤) معالم التنزيل للبغوي ٥ / ٢٩٧.
(١٥) السابق.