يحمل منه شيء ولو كان المدعو ذا قرابة له ابنه أو أباه أو أمّه أو أخاه. قال ابن عباس : يلقى الأب أو الأمّ ابنه فيقول يا بني احمل عني بعض ذنوبي فيقول لا أستطيع حسبي ما عليّ (١).
قوله : (إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) ولم يروه. قال الأخفش : تأويله إنذارك إنما ينفع الذين يخشون ربهم بالغيب (٢).
قوله : «بالغيب» حال من الفاعل أي يخشونه غائبين عنه. أو من المفعول أي غائبا عنهم (٣). وقوله : (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) في المعنى (٤).
قوله : (وَمَنْ تَزَكَّى) قرأ العامة «تزكّى» تفعّل (فَإِنَّما يَتَزَكَّى) يتفعل. وعن أبي عمرو «ومن يزكى فإنما يزكى» والأصل فيهما يتزكّى فأدغمت التاء في الزاي كما أدغمت في الدال نحو «يذّكّرون» في «يتذكّرون» (٥) ، وابن مسعود وطلحة : «ومن ازكى» والأصل (٦) تزكّى فأدغم (باجتلاب همزة (٧) الوصل «فإنما يزكى» أصله «يتزكى فأدغم») كأبي عمرو في غير المشهور عنه.
فصل
معنى (وَمَنْ تَزَكَّى) صلى وعمل خيرا (فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ) لها ثوابه (٨). (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) أي التزكي إن لم تظهر فائدته عاجلا فالمصير إلى الله يظهر عنده يوم القيامة في دار البقاء. والوازر إن لم تظهر تبعة وزره في الدنيا فهي تظهر في الآخرة إذ المصير إلى الله. ثم لما بين الهدى والضلالة ولم يهتد الكافر وهدى الله المؤمن ضرب له مثلا بالبصير والأعمى فالمؤمن بصير حيث أبصر الطريق الواضح والكافر أعمى (٩).
قوله : (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) استوى من الأفعال التي لا يكتفى (١٠) فيها بواحد لو قلت : استوى زيد لم يصح فمن ثمّ لزم العطف على الفاعل أو تعدده و «لا»
__________________
(١) معالم التنزيل ٥ / ٣٠٠.
(٢) السابق.
(٣) قال الزمخشري في كشافه ٣ / ٣٠٥ والبحر المحيط ٧ / ٣٠٨ ، والدر المصون ٤ / ٤٧٣ «بالغيب» غائبين «ويخشون العذاب» غائبا عنهم.
(٤) أي في ذلك المعنى المشار إليه. وانظر : الفخر الرازي ٢٦ / ١٥.
(٥) لم أجدها في المتواتر عن أبي عمرو أحد القراء السبعة فهي في ابن خالويه ١٢٣ والبحر ٧ / ٣٠٨ وهي من الشواذ.
(٦) ذكرها الكشاف بدون نسبة إلى من قرأ بها انظر : الكشاف ٣ / ٣٠٦ وفي مختصر الإمام ابن خالويه ١٢٣ «ومن ازّكّى : ابن مسعود ولكن صاحب الشواذ عزاها لابن مصرف». انظر : الشواذ ٢٠٠.
(٧) ما بين القوسين كله ساقط من «ب».
(٨) نقله البغويّ في معالم التنزيل ٥ / ٣٠٠.
(٩) قاله الإمام الفخر في تفسيره ٢٦ / ١٥ و ١٦.
(١٠) قاله شهاب الدين في الدر ٤ / ٤٧٤.