وتقدم تحقيق ذلك أول البقرة (١). وقرأ ابن وثاب الغرفة بضم الراء والتوحيد (٢).
فصل
والمعنى يضعف الله حسناتهم فيجزي بالحسنة الواحدة (٣) عشرة إلى سبع مائة لأن الضعف لا يكون إلا في الحسنة وفي السيئة لا يكون إلا المثل ثم زاد وقال : (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) إشارة إلى دوامها وتأبيدها. ثم بين حال المسيء فقال : (وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ) أي يسعون في إبطال حججنا معاجزين معاندين يحسبون أنهم يعجزوننا ويفوتوننا. وقد تقدم تفسير: (أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ). وهذا إشارة إلى الدوام أيضا كقوله : (وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) [الانفطار : ١٦]. ثم قال مرة أخرى : (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) إشارة إلى أن نعيم الآخرة لا ينافي نعمة الدنيا بل الصالحون قد يحصل لهم في الدنيا النعم مع القطع بحصول النعم في العقبى بناء على الوعد قطعا لقول من يقول : إذا كانت العاجلة والآجلة لهم فالنقد أولى فقال هذا النقد غير مختص بكم فإن كثيرا من الأشقياء مدفوعون وكثيرا من الأتقياء ممنوعون ، ولهذا المعنى ذكر هذا الكلام مرتين مرة لبيان أن كثرة أموالهم وأولادهم غير دالة على حسن أحوالهم ومرة لبيان أنه غير مختص بهم كأنه قال وجود القرب لا يدل على الشرف ثم إن سلّمنا أنه كذلك لكن المؤمنون سيحصل لهم ذلك فإن الله يملكهم دياركم وأموالكم ويدل على ذلك أن الله تعالى لم يذكر أولا لمن يشاء من عباده بل قال : لمن يشاء. وقال ثانيا : لمن يشاء من عباده فالكافر أثره مقطوع وماله إلى زوال وماله إلى الهواء وأما المؤمن فما ينفقه يخلفه الله(٤). قوله : (وَما أَنْفَقْتُمْ) يجوز أن تكون ما موصولة (٥) في محل رفع بالابتداء والخبر قوله (فَهُوَ يُخْلِفُهُ) ودخلت الفاء لشبهه بالشرط ، و (مِنْ شَيْءٍ) بيان كذا قيل. وفيه نظر ؛ لإبهام شيء فأي (تبيين) (٦) فيه؟ ويجوز أن تكون «ما» شرطية فيكون في محل نصب مفعولا مقدما و (فَهُوَ يُخْلِفُهُ) جواب الشرط (٧).
__________________
(١) عند قوله : «وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ» الآية ٢٠٨ حيث قرأ الكسائي ومن معه خطوات بضم الطاء إتباعا للخاء وبعضهم بفتح الطاء انظر : الإتحاف ١٥٦.
(٢) أوردها ابن خالويه في المختصر دون ضبط لها وتكلم عنها أبو حيان في البحر بفتح الراء. انظر المختصر ١٢٢ والبحر ٧ / ٢٨٦ والقرطبي ١٤ / ٣٠٦.
(٣) معالم التنزيل للبغوي ٥ / ٢٩٣.
(٤) انظر هذا في الرازي ٢٥ / ٢٦٢.
(٥) كما يجوز أن تكون شرطية في موضع نصب وانظر : التبيان ١٠٧٠ والدر المصون للسمين ٤ / ٤٠١.
(٦) تصحيح من «ب» وفي «أ» ييسّر لحن وخطأ.
(٧) المرجعان السابقان التبيان والدر.