قوله : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ) أي نفس وازرة بحذف الموصوف للعلم به (١). ومعنى «تزر» تحمل ، أي لا تحمل نفس حاملة حمل نفس أخرى.
قوله : (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ) أي نفس مثقلة (٢) بالذنوب نفسا إلى حملها فحذف المفعول به للعلم (٣) به. والعامة (لا يُحْمَلْ) مبنيا للمفعول و «شيء» قائم مقام الفاعل ، وأبو السّمّال وطلحة ـ وتروى عن الكسائي ـ بفتح التاء من فوق وكسر (٤) الميم. أسند الفعل إلى ضمير النفس المحذوفة التي هي مفعولة «لتدع» أي لا تحمل تلك النفس الدّعوة (و) شيئا مفعول «بلا تحمل» (٥).
قوله : (وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) أي ولو كان المدعو ذا قربى (٦) ، وقيل : التقدير ولو كان الدّاعي ذا قربى (٧) ، والمعنيان حسنان ، وقرىء : «ذو» بالرفع على أنها التامة أي ولو حضر ذو قربى نحو : قد كان من مطر (٨) ، (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ) [البقرة : ٢٨٠]. قال الزمخشري : ونظم الكلام أحسن ملاءمة للنّاقصة لأن المعنى على أن المثقلة إذا دعت أحدا إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان مدعوها ذا قربى وهو ملتئم ولو قلت : ولو وجد ذو قربى لخرج عن التئامه (٩) ، قال أبو حيان : وهو ملتئم على المعنى الذي ذكرناه (١٠). قال شهاب الدين : والذي قاله هو أي ولو حضر إذ ذاك ذو قربى (١١). ثم قال : وتفسيره «كان» وهو مبني للفاعل ب «وجد» وهو مبني للمفعول تفسير معنى والذي يفسر النّحويّ به كان التامة نحو : حدث وحضر ووقع (١٢).
فصل
المعنى وإن تدع مثقلة بذنوبها غيرها إلى حملها أي يحمل ما عليه من الذنوب لا
__________________
(١) البحر ٧ / ٣٠٧ والدر المصون ٤ / ٤٧٢.
(٢) المرجعان السابقان.
(٣) الدر المصون ٤ / ٤٧٢.
(٤) المرجعان السابقان.
(٥) وقد قال الأخفش في المعاني : وقال : «وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها» فكأنه قال : «وإن تدع إنسانا لا يحمل من ثقلها شيئا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى» فأقر بحذف مفعول «تدع» وانظر المعاني له ٢ / ٦٦٤ و ٦٦٥ ، والجامع ١٤ / ٣٣٨ وإعراب القرآن ٤ / ٣٦٨.
(٦) هذا رأي الأخفش في المعاني السابق ، وانظر : إعراب القرآن ٣ / ٣٦٨ والبيان ١٠٧٤ والكشاف ٣ / ٣٠٥.
(٧) هذا رأي ابن عطية نقله عنه العلامة أبو حيان في بحره ٧ / ٣٠٨.
(٨) وجد في البحر : «وقالت العرب : قد كان لبن أي حضر وحدث» والشاهد في هذا المثال الوارد عن العرب استعمال كان تامة بمعنى حضر وحدث و «مطر» فاعل به «بوجد».
(٩) مع تغيير طفيف في بعض الكلم وانظر : الكشاف ٣ / ٣٠٥.
(١٠) البحر ٧ / ٣٠٨.
(١١) يقصد شيخه أبا حيان وهذه مقولته في البحر انظر المرجع السابق.
(١٢) السابق.