تقدم (١) ، وقوله «أفما» فيه الخلاف المشهور ، فقدّره الزمخشري أنحن مخلّدون منعّمون فما نحن بميتين(٢) ، وغيره يجعل الهمزة متقدمة على الفاء.
قوله : (إِلَّا مَوْتَتَنَا) منصوب على المصدر ، والعامل فيه الوصف قبله (٣) ، ويكون استثناء مفرّغا (٤) ، وقيل : هو استثناء منقطع أي لكن الموتة الأولى كانت لنا في الدنيا (٥). وهذا قريب في المعنى من قوله تعالى : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) [الدخان : ٥٦]. وفيها هناك بحث حسن.
قوله : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وهذا قول أهل الجنة عند فراغهم من (هذه) (٦) المحادثات. وقوله : (لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) قيل : إنه من بقية كلامهم ، وقيل : إنه ابتداء كلام من الله تعالى أي لمثل هذا النعيم الذي ذكرناه (٧).
قوله تعالى : (أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢) إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣) إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (٦٥) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٦٦) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ (٦٧) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (٦٨) إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠) وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ)(٧١)
قوله : (أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً) أي أذلك الذي ذكره لأهل الجنة خير نزلا أم شجرة الزّقّوم. (فنزلا) تمييز (٨) «لخير» والخيرية بالنسبة إلى ما اختاره الكفار على غيره. والزقوم شجرة مسمومة يخرج لها لبن متى مسّ جسم أحد تورم فمات. والتزقم البلع بشدة وجهد للأشياء الكريهة (٩) ، وقول أبي جهل وهو من العرب : لا نعرف الزقوم إلا بالتمر والزبد من العناد والكذب البحت (١٠).
__________________
(١) من قوله تعالى : «فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ» [هود : ١٢] وهي من القراءات الشاذة أقصد قوله : «بمائتين».
(٢) الكشاف ٣ / ٣٤١ فهو ومن تبعه يقدّرون محذوفا حتى يقولوا إن الهمزة في موضعها الأصلي فلم تتقدم على حرف العطف. وهذا غير مذهب سيبويه والجمهور الذين يقولون : إنها تتقدم على العاطف تنبيها على أصالتها في التصدير. (بتصرف من المغني ١٥ ، ١٦).
(٣) قاله ابن الأنباري في البيان ٢ / ٣٠٥ وأبو البقاء في التبيان ١٠٩٠ ومشكل الإعراب ٢ / ٢٣٧ والإعراب للنّحاس ٣ / ٤٢٤.
(٤) السمين ٤ / ٥٥٦.
(٥) المشكل والإعراب والتبيان المراجع السابقة.
(٦) سقط من ب.
(٧) الدر المصون ٤ / ٥٥٦.
(٨) التبيان ١٠٩٠ والنحاس ٤ / ٤٢٤ والكشاف ٣ / ٣٤٢ وجوز فيه أيضا الحالية.
(٩ و ١٠) اللسان «ز ق م» ٤٦ / ١ والرازي ٢٦ / ١٤١ والسمين ٤ / ٥٥٦ واللسان ذكر الزقوم فعول من الرقم عن ثعلب.