النور لأنه عبارة عن التوحيد وهو واحد فالتفاوت (١) بين كل فرد من أفراد الظلمة وبين هذا الفرد الواحد والمعنى الظلمات كلها لا تجد فيها ما يساوي هذا الواحد (٢). قال شهاب الدين : كذا قيل. وعندي (أنه) (٣) ينبغي أن يقال : إن هذا الجمع لا يساوي هذا الواحد فنعلم انتفاء مساواة (٤) (فرد منه) (٥) (ل) هذا الواحد بطريق أولى وإنما جمع الأحياء والأموات لأن التفاوت بينهما أكثر إذ ما من ميّت يساوي في الإدراك حيّا فذكر أن الأحياء لا يساوون الأموات سواء قابلت الجنس بالجنس أم الفرد بالفرد(٦).
فصل
قال ابن الخطيب : قدم الأشرف في مثلين وهو (٧) الظّل والحيّ (٨) وأخّره في مثلين وهو البصر والنور وفي مثل هذا يقول المفسرون : إنه لتواخي أواخر الآيات. وهذا ضعيف لأن تواخي الأواخر راجع إلى السجع ومعجزة القرآن في المعنى لا في مجرد اللفظ فالشاعر يقدم ويؤخر للسجع فيكون اللفظ حاملا له على تغيير المعنى وأما القرآن فحكمة بالغة المعنى فيه صحيح واللفظ يصح فلا يقدم ويؤخر اللفظ بلا معنى فنقول (٩) : الكفار قبل النبي ـ عليه الصلاة (١٠) والسلام ـ كانوا في ضلالة فكانوا كالعمي وطريقتهم كالظلمة ثمّ لما جاء النبي ـ عليه (الصلاة (١١) و) السلام ـ وبين الحق واهتدى به منهم قوم فصاروا بصيرين وطريقتهم كالنّور فقال : (لا يَسْتَوِي) من كان قبل البعث على الكفر ومن اهتدى بعده إلى الإيمان فلما كان الكفر قبل الإيمان في زمان محمد ـ عليه (الصلاة (١٢) و) السلام ـ والكافر قبل المؤمن قدم المقدم. ثم لما ذكر المآل والمرجع قدم ما يتعلق بالرحمة على ما يتعلق بالغضب لقوله ـ عليه (الصلاة (١٣) و) السلام ـ في الإلهيات : «سبقت رحمتي غضبي» (١٤) ، ثم إن الكافر المصر بعد البعث (١٥) صار أضلّ من الأعمى وشابه الأموات في عدم إدراك الحق من جميع الوجوه فقال : (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ) أي
__________________
(١) في «ب» والتفاوت بالواو.
(٢) من كلام أبي حيان في البحر المحيط مع تغيير طفيف في بعض الكلمات. وقد قال أبو حيان : إن هذا من كلام أبي عبد الله الرازي البحر ٧ / ٣٠٩.
(٣) سقط من «ب» وهي موجودة في السمين.
(٤) في السمين كما هنا وفي «ب» تساوي بالفعلية.
(٥) ساقط من «ب».
(٦) انظر الدر المصون ٤ / ٤٧٦.
(٧) كذا هي في الفخر وفي «ب» هي.
(٨) التصحيح من الرازي عن النسختين «الحرور» فما أثبته أعلى خطأ.
(٩) كذا هي في الفخر وفي «ب» تقول.
(١٠) في «ب» ـ صلىاللهعليهوسلم ـ موافقة للفخر.
(١١) سقط من «أ».
(١٢) سقط من «أ» أيضا.
(١٣) سقط من «أ».
(١٤) وانظر : تفسير الرازي ٢٦ / ١٧.
(١٥) كذا في النسختين. وما في الفخر البعثة.