الرابع : قال أبو حيان : و «أو» هنا على موضوعها لكونها لأحد الشيئين وخبر «إنّا أو إيّاكم» هو (لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ولا يحتاج إلى تقدير حذف إذ المعنى إن أحدنا لفي أحد هذين لقولك : «زيد أو عمرو في القصر أو في المسجد» لا يحتاج إلى تقدير حذف إذ معناه أحد هذين في أحد هذين (١).
وقيل : الخبر محذوف ثم ذكر ما تقدم إلى آخره (٢) ، وهذا الذي ذكره تفسير معنى لا تفسير إعراب. (والناس) (٣) نظروا إلى تفسير الإعراب فاحتاجوا إلى ما ذكرناه (٤). وذكروا في الهدى كلمة «على» وفي الضلال كلمة «في» لأن المهتدي كأنه مرتفع مطّلع فذكره بكلمة «التعالي» والضال منغمس في الظلمة غريق فيها فذكره بكلمة «في» (٥).
قوله : (قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا) أضاف الإجرام إلى النفس وقال في حقهم : (وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) ذكر بلفظ العمل لئلا يحصل الإغضاب (٦) المانع من الفهم.
قوله : (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا) يوم القيامة (ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) وهاتان صفتا مبالغة وقرأ عيسى بن عمر «الفاتح» اسم (٧) فاعل.
قوله : (أَرُونِيَ) فيها وجهان :
أحدهما : أنها علمية متعدية قبل النقل إلى اثنين فلما جيء بهمزة النقل تعدت لثلاثة أولها «ياء» المتكلم ثانيها «الموصول» ، ثالثها : «شركاء» وعائد الموصول محذوف أي ألحقتموهم.
والثاني : أنها بصرية متعدية قبل النقل لواحد وبعده لاثنين أولهما : ياء المتكلم وثانيهما : الموصول و «شركاء» نصب على الحال من عائد الموصول أي بصّروني الملحقين به حال كونهم شركاء (٨). قال ابن عطية في هذا الثاني «ولا غناء» (٩) له أي لا منفعة فيه يعني أن معناه ضعيف (١٠). قال أبو حيان: وقوله : «لا غناء له» ليس بجيد بل
__________________
(١ و ٢) نقلهما في بحره ٧ / ٢٨٠.
(٣) تصحيح من «ب» فما في «أ» والثاني وهو خطأ وتحريف.
(٤) قال بذلك السمين في رده على أبي حيان ٤ / ٤٤٠.
(٥) هذا كلام الفخر الرازي في التفسير الكبير ٢٥ / ٢٥٧ ، وفيه «التّعلّي» لا التّعالي.
(٦) الفخر الرازي المرجع السابق.
(٧) قراءة شاذة رواية وإن كانت جائزة قياسا ولغة وقد ذكرها ابن خالويه في المختصر ١٢٢.
(٨) هذا قول أبي حيان في البحر ٧ / ٢٨٠ والشهاب السمين في الدر ٤ / ٤٤٠ ومعنى كلام القرطبي في الجامع ١٤ / ٣٠٠ قال : «يكون أروني هنا من رؤية القلب فيكون «شركاء» المفعول الثالث أي عرّفوني الأصنام التي جعلتموها شركاء لله عزوجل وهل شاركت في خلق شيء فبيّنوا ما هو؟ وإلّا فلم تعبدونها؟ ويجوز أن تكون من رؤية البصر فيكون «شركاء» حالا».
(٩) في «ب» ولا غنى قصر وكلتاهما صحيحتان.
(١٠) بحر أبي حيان المرجع السابق.