فو الله لئن قدر الله عليه ليعذبنّه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين فلما مات فعلوا ما أمرهم فأمر الله البحر فجمع ما فيه وأمر البرّ فجمع ما فيه ، ثم قال له : لم فعلت هذا قال : من خشيتك يا رب وأنت أعلم فغفر له. وعن ضمضم بن حوش (ب) (١) قال : دخلت مسجد المدينة فناداني شيخ فقال : يا يمانيّ تعال وما أعرفه فقال : لا تقولن لرجل والله لا يغفر الله لك أبدا ولا يدخلك الجنة قلت : ومن أنت يرحمك الله؟ قال : أبو هريرة قال : فقلت إن هذه الكلمة يقولها أحدنا لبعض أهله إذا غضب أو زوجه(٢) أو لخادمه قال : فإني سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : إنّ رجلين كانا في (٣) بني إسرائيل متحابّين أحدهما مجتهد (٤) في العبادة والآخر كأنه (٥) يقول : مذنب فجعل يقول أقصر عما أنت فيه قال: فيقول خلّني وربي قال : حتى وجده يوما على ذنب استعظمه فقال أقصر فقال : خلني وربي أبعثت علي رقيبا فقال : والله لا يغفر لك الله أبدا ولا يدخلك الجنة أبدا قال : فبعث الله إليهما ملكا فقبض أرواحهما فاجتمعا عنده فقال للمذنب ادخل الجنة برحمتي وقال للآخر : أتستطيع أن تحظر على عبدي رحمتي؟ فقال : لا يا رب فقال : اذهبوا به إلى النار ، قال أبو هريرة : والّذي نفسي بيده ل (قد) (٦) تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته (٧). قوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
قوله : (يا عِبادِيَ) قرأ نافع وابن كثير وابن عامر وعاصم يا عبادي بفتح الياء ، والباقون وعاصم ـ في بعض الروايات ـ بغير فتح ، وكلهم يقفون عليها بإثبات الياء ؛ لأنها ثابتة في المصحف إلا في بعض رواية أبي بكر عن عاصم أنه يقف بغير ياء (٨).
قوله : (لا تَقْنَطُوا) قرأ أبو عمرو والكسائيّ بكسر النون ، والباقون بفتحها ، وهما لغتان (٩) ، قال الزمخشري : وفي قراءة ابن عباس وابن مسعود «يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء» (١٠).
قوله : (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ) قال الزمخشري أي توبوا إليه (وَأَسْلِمُوا لَهُ) أي وأخلصوا
__________________
(١) الباء ساقطة من «أ» ، وفي «ب» حرث. ولم أقف عليه.
(٢) في ب لزوجته.
(٣) في ب من.
(٤) في ب يجتهد والتصحيح من «أ».
(٥) في البغوي : كان مذنبا بالقطع.
(٦) «قد» زيادة من البغوي.
(٧) وقد أخرج هذه الروايات جمعاء الإمام البغوي والخازن في «معالم التنزيل» و «لباب التأويل» ٦ / ٨٠ و ٨١ و ٨٢.
(٨) ذكرها صاحب السبعة ٥٦٣ والإتحاف ٣٧٦.
(٩) المرجع الأخير والكشاف ٣ / ٤٠٣ ولم ترو عنهما في المتواتر فهي من الأربع فوق العشر.
(١٠) الكشاف ٣ / ٤٠٣ وفي مختصر ابن خالويه (إن الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي) النبي صلىاللهعليهوسلم وفاطمة رضي الله عنها : (إن الله يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء) ابن مسعود انظر : المختصر ١٢٣ لابن خالويه.