وقيل : في ضيافة الله فاكهون. وقيل : في شغل عن هول اليوم بأخذ ما آتاهم الله من الثواب فما عندهم خير من عذاب ولا حساب (١). وقوله «فاكهون» متمّم لبيان سلامتهم فإنه لو قال : في شغل جاز أن يقال هم في شغل أعظم من التذكر في اليوم وأهواله فإن من يصيبه فتنة عظيمة ثم يعرض عليه أمر من أموره أو يخبر بخسران وقع في ماله يقول أنا مشغول عن هذا بأهمّ منه فقال : فاكهون أي شغلوا عنه باللّذة والسّرور لا بالويل والثّبور. وقال ابن عباس : فاكهون فرحون (٢).
قوله : (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ) يجوز في «هم» أن يكون تأكيدا للضمير المستكنّ في : «فاكهون» و «أزواجهم» عطف على المستكن ، ويجوز أن يكون تأكيدا للضمير المستكنّ في «شغل» إذا جعلناه خبرا و «أزواجهم» عطف عليه (مستكن ويجوز أن أيضا) (٣). كذا ذكره (٤) أبو حيان (٥). وفيه نظر من حيث الفصل بين المؤكد والمؤكد بخبر «أن» ، ونظيره أن نقول : «إنّ زيدا في الدّار قائم هو وعمرو» على أن يجعل «هو» تأكيدا للضمير في قولك : «في الدار» ، وعلى هذين الوجهين يكون قوله : «متّكئون» خبرا آخر ل «إنّ» (٦) و (فِي ظِلالٍ) متعلق (٧) به أو حال (٨) ، و (عَلَى الْأَرائِكِ) متعلق به (٩) ، ويجوز أن يكون «هم» مبتدأ (١٠) ومتكئون خبره والجاران على ما تقدم (١١) ، وجوز أبو البقاء أن يكون (فِي ظِلالٍ) هو الخبر (١٢) قال (عَلَى الْأَرائِكِ) مستأنف (١٣). وهي عبارة موهمة غير الصواب ويريد بذلك أن «متّكئون» خبر مبتدأ مضمر و (عَلَى الْأَرائِكِ) متعلق به ، فهذا وجه استئنافه لا أنه خبر مقدم و «متكئون» مبتدأ مؤخر إذ لا معنى له (١٤). وقرأ عبد الله «متّكئين» نصبا على الحال (١٥). وقرأ الأخوان (فِي ظُلَلٍ) بضم الظاء (١٦) والقصر. وهو جمع ظلّة نحو غرفة وغرف ، وحلّة وحلل. وهي عبارة عن الفرش والستور والباقون
__________________
(١) انظر : زاد المسير ٧ / ٢٨ والبغوي ٦ / ١٢.
(٢) الرازي ٢٦ / ٩١.
(٣) زيادة من ألا معنى لها.
(٤) الزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٢٧ قد ذكر هذين الوجهين البحر ٧ / ٣٤٢ والدر المصون ٤ / ٥٢٦.
(٥) المرجعين السابقين والتبيان ١٠٨٥.
(٦) البيان ٢ / ٢٩٩ والتبيان ١٠٨٥ والسمين ٤ / ٥٢٦.
(٧) قال بذلك ابن الأنباري ٢ / ٢٩٩ في بيانه.
(٨) السمين والتبيان السابقان والبحر ٧ / ٣٤٢.
(٩) السمين ٤ / ٥٢٦.
(١٠) الكشاف ٣ / ٣٢٧ والنحاس ٤ / ٤٠١ والبيان ٢ / ٢٩٩.
(١١) من تعلق «في ظلال» بالخبر «متكئون» ومن تعلق على الأرائك ب «في الظلال».
(١٢) خبر «هم». انظر : التبيان ١٠٨٥.
(١٣) السابق.
(١٤) انظر : الدر المصون لشهاب الدين السمين ٤ / ٥٢٦.
(١٥) من الشواذّ والتي لم ترو في المتواتر. انظر : ابن خالويه ١٢٧ والكشاف ٣ / ٣٢٧ ومعاني الفراء ٢ / ٣٨٠.
(١٦) المرجع السابق وانظر : الإتحاف ٣٦٦ والسبعة ٥٤٢ والنشر ٢ / ٣٥٥ وحجة ابن خالويه ٢٩٩ وإبراز المعاني ٦٦٠ وهي من القراءات المتواترة.