فقالت : أستحيي من الصّنم أن يرانا. فقال لها يوسف : أتستحيين ممّن لا يسمع ولا يبصر [ولا يفقه] (١) ، ولا يأكل ولا يشرب ، ولا أستحي أنا ممّن خلق الإنسان وعلّمه!؟ فذلك قوله ـ تعالى ـ : (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ).
وفي أمالي الصّدوق (٢) ، بإسناده إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال لعلقمة : إنّ رضا النّاس لا يملك ، وألسنتهم لا تضبط. وكيف تسلمون ممّا لم تسلم منه أنبياء الله ورسله وحجج الله ـ عليهم السّلام ـ!؟ ألم ينسبوا يوسف ـ عليه السّلام ـ إلى أنّه همّ بالزّنا!؟ والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
وفي تفسير العيّاشيّ (٣) : عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا همّت به وهمّ بها ، قالت : كما أنت. قال : ولم؟ قالت : أغطّي وجه الصّنم لا يرانا. فذكر الله عند ذلك ، وقد علم أنّ الله يراه. ففرّ منها (٤).
وأمّا ما رواه عن محمّد بن قيس (٥) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سمعته يقول : إنّ يوسف لمّا حلّ سراويله ، رأى مثال يعقوب [قائما] (٦) عاضّا على أصبعه ، وهو يقول له : يا يوسف! قال : فهرب. ثمّ قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : لكنّي ـ والله ـ ما رأيت عورة أبي قطّ. ولا رأى أبي عورة جدّي قطّ. ولا رأى جدّي عورة أبيه قطّ. قال وهو عاضّ على إصبعه. فوثب. فخرج الماء من إبهام رجله. فموافق لمذهب العامّة ، ومحمول على التّقيّة.
يدلّ على (٧) ما رواه عن بعض أصحابنا (٨) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : أيّ شيء يقول النّاس في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ)؟ قلت : يقولون : رأى يعقوب عاضّا على أصبعه. فقال : لا ليس كما يقولون.
فقلت : فأي شيء رأى؟ قال : لمّا همّت به وهمّ بها ، قامت إلى صنم معها في البيت ، فألقت عليه ثوبا. فقال لها يوسف : ما صنعت؟ قالت (٩) : طرحت عليه ثوبا.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) أمالي الصدوق / ٩١ ، ح ٣.
(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٧٣ ، ح ١٧.
(٤) المصدر : ففرّ منها هاربا.
(٥) نفس المصدر والموضع ، ح ١٨.
(٦) من المصدر.
(٧) الصحيح : عليه.
(٨) تفسير العياشي ٢ / ١٧٤ ، ح ١٩.
(٩) المصدر : قال.