ومن مناسبات هذا يجيء قوله : (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى) في هذه السورة [٤٩] ، وتلك اعتبارات لهم تخيلية شائعة بينهم فمن النافع موعظة الناس بذلك لأنه كاف في إقناعهم وصولا إلى الحق.
فيكون قوله : (إِذا هَوى) إشعارا بأن النجوم كلها مسخرة لقدرة الله مسيّرة في نظام أوجدها عليه ولا اختيار لها فليست أهلا لأن تعبد فحصل المقصود من القسم بما فيها من الدلالة على القدرة الإلهية مع الاحتراس عن اعتقاد عبادتها.
وقال الراغب : قيل أراد بذلك أي ب (النَّجْمِ) القرآن المنزل المنجم قدرا فقدرا ، ويعني بقوله : (هَوى) نزوله اه.
ومناسبة القسم ب (النَّجْمِ إِذا هَوى) ، أن الكلام مسوق لإثبات أن القرآن وحي من الله منزل من السماء فشابه حال نزوله الاعتباريّ حال النجم في حالة هويّه مشابهة تمثيلية حاصلة من نزول شيء منير إنارة معنوية نازل من محل رفعة معنوية ، شبه بحالة نزول نجم من أعلى الأفق إلى أسلفه وهو من تمثيل المعقول بالمحسوس ، أو الإشارة إلى مشابهة حالة نزول جبريل من السماوات بحالة نزول النجم من أعلى مكانه إلى أسفله ، أو بانقضاض الشهاب تشبيه محسوس بمحسوس ، وقد يشبهون سرعة الجري بانقضاض الشهاب ، قال أوس بن حجر يصف فرسا :
فانقضّ كالدريّ يتبعه |
|
نقع يثور تخاله طنبا |
والضلال : عدم الاهتداء إلى الطريق الموصل إلى المقصود ، وهو مجاز في سلوك ما ينافي الحق.
والغواية : فساد الرأي وتعلقه بالباطل.
والصاحب : الملازم للذي يضاف إليه وصف صاحب ، والمراد بالصاحب هنا : الذي له ملابسات وأحوال مع المضاف إليه ، والمراد به محمد صلىاللهعليهوسلم. وهذا كقول أبي معبد الخزاعي الوارد في أثناء قصة الهجرة لما دخل النبي صلىاللهعليهوسلم بيته وفيها أمّ معبد وذكرت له معجزة مسحه على ضرع شاتها : «هذا صاحب قريش» ، أي صاحب الحوادث الحادثة بينه وبينهم.
وإيثار التعبير عنه بوصف (صاحِبُكُمْ) تعريض بأنهم أهل بهتان إذ نسبوا إليه ما ليس منه في شيء مع شدة اطلاعهم على أحواله وشئونه إذ هو بينهم في بلد لا تتعذر فيه إحاطة