هذا مرتبط بقوله : (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ) [الطور : ٣٣] وقوله : (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ) [الطور : ٣٧] إذ كل ذلك إبطال للأسباب التي تحملهم على زعم انتفاء النبوءة عن محمد صلىاللهعليهوسلم فبعد أن أبطل وسائل اكتساب العلم بما زعموه عاد إلى إبطال الدواعي التي تحملهم على الإعراض عن دعوة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ولأجل ذلك جاء هذا الكلام على أسلوب الكلام الذي اتصل هو به ، وهو أسلوب خطاب الرسول صلىاللهعليهوسلم فقال هنا : (أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً) وقال هنالك : (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ) [الطور : ٣٧].
والاستفهام المقدر بعد (أَمْ) مستعمل في التهكم بهم بتنزيلهم منزلة من يتوجس خيفة من أن يسألهم الرسول صلىاللهعليهوسلم أجرا على إرشادهم.
والتهكم استعارة مبنية على التشبيه ، والمقصود ، ما في التهكم من معنى أن ما نشأ عنه التهكم أمر لا ينبغي أن يخطر بالبال.
وجيء بالمضارع في قوله : (تَسْأَلُهُمْ) لإفادة التجدد ، أي تسألهم سؤالا متكررا لأن الدعوة متكررة ، وقد شبهت بسؤال سائل.
وتفريع (فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) لما فيه من بيان الملازمة بين سؤال الأجر وبين تجهّم من يسأل والتحرج منه. وقد فرع قوله : (فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) على الفعل المستفهم عنه لا على الاستفهام ، أي ما سألتهم أجرا فيثقل غرمه عليهم ، لأن الاستفهام في معنى النفي ، والإثقال يتفرع على سؤال الأجر المفروض لأن مجرد السؤال محرج للمسئول لأنه بين الإعطاء فهو ثقيل وبين الرد وهو صعب.
والمغرم بفتح الميم مصدر ميمي ، وهو الغرم. وهو ما يفرض على أحد من عوض يدفعه.
والمثقل : أصله المحمّل بشيء ثقيل ، وهو هنا مستعار لمن يطالب بما يعسر عليه أداؤه ، شبه طلبه أداء ما يعسر عليه بحمل الشيء الثقيل على من لا يسهل عليه حمله.
و (مِنْ) للتعليل ، أي مثقلون من أجل مغرم حمل عليهم.
والمعنى : أنك ما كلفتهم شيئا يعطونه إياك فيكون ذلك سببا لإعراضهم عنك تخلصا من أداء ما يطلب منهم ، أي انتفى عذر إعراضهم عن دعوتك.
(أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤١))