المطلق المبين للنوع.
والمعنى : ما حفظوا شئون الرهبانية حفظا كاملا فمصبّ النفي هو القيد بوصف (حَقَّ رِعايَتِها).
وهذا الانتفاء له مراتب كثيرة ، والكلام مسوق مساق اللوم على تقصيرهم فيما التزموه أو نذروه ، وذلك تقهقر عن مراتب الكمال وإنما ينبغي للمتقي أن يكون مزدادا من الكمال.
وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أحب الدين إلى الله أدومه».
وقوله : (فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ) تفريع على جملة (وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) إلى آخره وما بينهما استطراد.
والمراد ب (الَّذِينَ آمَنُوا) المتصفون بالإيمان المصطلح عليه في القرآن ، وهو توحيد الله تعالى والإيمان برسله في كل زمان ، أي فآتينا الذين آمنوا من الذين اتبعوه أجرهم ، أي الذين لم يخلطوا متابعتهم إياه بما يفسدها مثل الذين اعتقدوا إلهية عيسى عليهالسلام أو بنوته لله ، ونحوهم من النصارى الذين أدخلوا في الدين ما هو مناقض لقواعده وهم كثير من النصارى كما قال : (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ).
والمراد بالفسق : الكفر وهذا ثناء على المؤمنين الصادقين ممن مضوا من النصارى قبل البعثة المحمدية وبلوغ دعوتها إلى النصارى ، وادعاؤهم أنهم أتباع المسيح باطل لأنهم ما اتبعوه إلا في الصورة والذين أفسدوا إيمانهم بنقض حصوله هم المراد بقوله تعالى : (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) ، أي وكثير من الذين التزموا دينه خارجون عن الإيمان ، فالمراد بالفسق ما يشمل الكفر وما دونه مثل الذين بدلوا الكتاب واستخفوا بشرائعه كما قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) [التوبة : ٣٤].
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨))
الغالب في القرآن أن الذين آمنوا لقب للمؤمنين بمحمد صلىاللهعليهوسلم ولكن لما وقع (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) هنا عقب قوله : (فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ) [الحديد : ٢٧] ، أي من الذين