لحظيرته فالمشبه به هو الهشيم المجموع في الأرض قبل أن يسيّج ولذلك قال : (كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) ولم يقل : كهشيم الحظيرة ، لأن المقصود بالتشبيه حالته قبل أن يرصف ويصفف وقبل أن تتخذ منه الحظيرة.
والمحتظر : مفتعل من الحظيرة ، أي متكلف عمل الحظيرة.
والقول في تعدية (أَرْسَلْنا) إلى ضمير (ثَمُودُ) [القمر : ٢٣] كالقول في (أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) [القمر : ١٩].
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٣٢))
تكرير ثان بعد نظيريه السالفين في قصة قوم نوح وقصة عاد تذييلا لهذه القصة كما ذيلت بنظيريه القصتان السالفتان اقتضى التكرير مقام الامتنان والحث على التدبر بالقرآن لأن التدبر فيه يأتي بتجنب الضلال ويرشد إلى مسالك الاهتداء فهذا أهم من تكرير (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) [القمر : ٣٠] فلذلك أوثر.
[٣٣ ـ ٣٥] (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (٣٥))
القول في مفرداته كالقول في نظائره ، وقصة قوم لوط تقدمت في سورة الأعراف وغيرها.
وعرف قوم لوط بالإضافة إليه إذ لم يكن لتلك الأمة اسم يعرفون به عند العرب.
ولم يحك هنا ما تلقّى به قوم لوط دعوة لوط كما حكي في القصص الثلاث قبل هذه ، وقد حكي ذلك في سورة الأعراف وفي سورة هود وفي سورة الحجر لأن سورة القمر بنيت على تهديد المشركين عن إعراضهم عن الاتّعاظ بآيات الله التي شاهدوها وآثار آياته على الأمم الماضية التي علموا أخبارها وشهدوا آثارها ، فلم يكن ثمة مقتض لتفصيل أقوال تلك الأمم إلا ما كان منها مشابها لأقوال المشركين في تفصيله ولم تكن أقوال قوم لوط بتلك المثابة ، فلذلك اقتصر فيها على حكاية ما هو مشترك بينهم وبين المشركين وهو تكذيب رسولهم وإعراضهم عن نذره. والنذر تقدم.
وجملة (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً) استئناف بياني ناشئ عن الإخبار عن قوم لوط بأنهم كذبوا بالنذر.